تعرب منظمة معًا من أجل العدالة عن بالغ قلقها إزاء الأرقام الصادمة التي كشف عنها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في حديثه مع أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي، حيث أقر بأن عدد معتقلي الرأي في المملكة تجاوز 5000 شخصًا، مع الإشارة إلى أنه ذكر بالحرف “معتقل رأي”، ولم يقل “سجين” أو “معتقل”.
ونؤكد أن هذا الرقم المروع يعكس واقع القمع المتصاعد داخل السعودية، حيث لا تزال السجون ممتلئة بالمعارضين، بمن فيهم نساء، قُصَّر، وأشخاص كانوا دون السن القانونية وقت توجيه التهم المزعومة إليهم.
ورغم إفراج السلطات السعودية عما بين 700 إلى 750 شخصًا خلال الفترة الماضية، بحسب تصريحات بعض المقربين من ولي العهد، فإن ذلك لا يعكس تحسنًا حقيقيًا في أوضاع حقوق الإنسان بقدر ما يكشف عن استراتيجية تجميلية تهدف إلى تخفيف الضغط الدولي، في حين يبقى آلاف الأبرياء خلف القضبان لمجرد التعبير عن آرائهم.
يقبع في السجون السعودية آلاف المعتقلين، بينهم رجال ونساء وأطفال، إضافة إلى أشخاص كانوا أطفالًا وقت توجيه التهم المزعومة إليهم. هؤلاء الأفراد لم يرتكبوا أي جرم سوى التعبير عن آرائهم، أو ممارسة حقوقهم المشروعة، ومع ذلك يواجهون أحكامًا جائرة وظروف احتجاز غير إنسانية.
هؤلاء الأشخاص تعرضوا لمحاكمات غير عادلة، بعضهم صدر بحقه أحكام إدانة عن قضاء مسيس فقد كل مظاهر الاستقلالية والعدالة، وتحول إلى أداة بطش في يد النظام لتصفية الحسابات السياسية، حيث تصدر المحاكم أحكامًا مشددة تصل إلى الإعدام أو السجن لمدد طويلة بناءً على تهم فضفاضة وملفقة. يتم الاعتماد على اعترافات منتزعة تحت التعذيب، وحرمان المعتقلين من أبسط حقوقهم في الدفاع عن أنفسهم، في ظل جلسات محاكمة شكلية خاضعة لإملاءات الأجهزة الأمنية.
لم يقتصر القمع على المعتقلين فقط، بل امتد ليشمل عائلاتهم التي تعاني من إجراءات عقابية جماعية، من ضمنها حظر السفر، منع تجديد جوازات سفر أفراد العائلة المقيمين في الخارج، والحرمان من الحقوق الأساسية. هذه الممارسات تكشف عن الوجه الحقيقي للنظام السعودي الذي يواصل انتهاك الحقوق الأساسية لمواطنيه دون أدنى التزام بالمعايير الدولية.
تزعم السلطات السعودية تبنيها نهج الإصلاح، إلا أن الواقع يؤكد أن السجون لا تزال مكتظة بمعتقلي الرأي، مما يتنافى تمامًا مع هذه الادعاءات. لا يمكن اعتبار أي إصلاح حقيقي دون الإفراج الكامل عن كافة معتقلي الرأي، محاسبة المسؤولين عن انتهاكاتهم، وتعويضهم عما تعرضوا له من تعذيب وسوء معاملة واحتجاز تعسفي.
في هذا الصدد، نطالب المجتمع الدولي بالتدخل العاجل والضغط على السلطات السعودية لتنفيذ ما يلي:
- الإفراج الفوري وغير المشروط عن كافة معتقلي الرأي، ووقف الاعتقالات التعسفية التي تستهدف النشطاء، والصحفيين والأكاديميين والمفكرين.
- إنهاء العقوبات الجماعية المفروضة على عائلات المعتقلين، بما يشمل رفع حظر السفر وإعادة الحقوق المسلوبة.
- تعويض المعتقلين، الحاليين والسابقين، عن الأضرار التي لحقت بهم بسبب الاعتقال التعسفي والتعذيب، ومحاسبة المتورطين في هذه الانتهاكات.
إن الأوضاع الحقوقية المتدهورة في السعودية تتطلب تحركًا دوليًا جادًا، فكل لحظة صمت تعني استمرار معاناة آلاف الأبرياء وعائلاتهم. تدعو معًا من أجل العدالة المجتمع الدولي إلى تكثيف الضغوط على الرياض لوضع حد لهذه الانتهاكات الجسيمة.
