الحكم بإدانة إسراء الغمغام وآخرين انتقامي وقمعي
في انتهاك جديد لحقوق الإنسان يُضاف إلى سجل النظام السعودي الممتلئ بالفعل بالممارسات الوحشية والقمعية ضد المعارضين والنشطاء وأصحاب الفكر المعارض، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة هذا الأسبوع أحكاماً مشددة بالسجن ضد نشطاء من القطيف بينهم الناشطة إسراء الغمغام.
إسراء الغمغام هي ناشطة سعودية من أبناء بلدة الشويكة بالقطيف، نشطت بصورة كبيرة في أعقاب ثورات الربيع العربي عام 2011، وطالبت بحياة كريمة للمواطن السعودي يتمتع خلالها بمشاركة حرة في الحياة السياسية للبلاد التي كانت تحلم أنها تراها ديموقراطية يوماً ما.
في نظر النظام السعودي، كانت أحلام الغمغام تلك جرائم تستحق أن تُسلب حريتها مقابلها مع التهديد بإعدامها بعد أن طالبت النيابة العامة ذلك، لكن وبعد سنوات من المحاكمة -التي لم تكن عادلة أبداً- قرر القاضي أن تُحبس إسراء لمدة 8 سنوات عقاباً لها أن حملت رأياً لم يحبذه النظام.
!إعدام إسراء الغمغام
كانت المطالبة بإعدام الغمغام هي الأولى من نوعها، إذ لم يسبق وطالبت النيابة بإعدام امرأة لمجرد ممارستها حقها في الاعتراض السلمي على ممارسات النظام، ورغم أن عقوبة الإعدام في حد ذاتها أمر سيء للغاية خاصة في دولة يشوب نزاهة قضائها الكثير من الشكوك، فإن المطالبة بإعدام امرأة على خلفية رأيها المعارض هو أمر كارثي لا ينذر بالخير أبداً لما ينوي النظام السعودي فعله.
ورغم التراجع عن المطالبة بالإعدام، فإن الحكم على الغمغام -المعتقلة منذ ديسمبر/كانون الأول 2015- الذي حمل طابعاً سياسياً بلا شك، لا يمكن تفسيره سوى أنه حكم انتقامي من إسراء لنشاطها الفاعل للحفاظ على كرامة المواطن، خاصة وأنه قد تم الحكم على زوجها الناشط المعتقل السيد موسى الهاشم بالسجن لمدة 17 عاماً.
ويعد الهاشم وزوجته الغمغام ضمن مجموعة واسعة من النشطاء والمعتقلين الذين اعتقلوا لمشاركتهم فيما عُرف بانتفاضة الكرامة التي شهدتها المنطقة -القطيف- في الفترة منذ 2011 وحتى 2016.
وكانت النيابة العامة قد طالبت بإصدار عقوبات مغلظة ومشددة ضد هؤلاء المتهمين لارتكابهم جريمة نكراء -في نظر السلطات- ألا وهي التعبير السلمي عن رأيهم، لتعكس الأحكام الصادرة رغبة النظام العارمة في الانتقام من هؤلاء النشطاء.
لم تبدأ محاكمة إسراء ومجموعة النشطاء الآخرين إلا في أغسطس/آب 2018، أي بعد سنوات من الاعتقال ذاقوا خلالها أبشع أنواع المعاملة المحطة من الكرامة، لتأتي محاكمتهم فيما بعد مفتقرة إلى أي معايير للعدالة، إذ حرموا من التمثيل القانوني أو الدفاع عن أنفسهم مع غياب أدلة الإثبات سوى ادعاءات النيابة والأجهزة الأمنية، مع عدم تمكينهم من حضور جلسات المحاكمة في كثير من الأحيان.
كما صدر حكما بالسجن 10 سنوات بحق الناشط علي عويشير، تغليظ الحكم الابتدائي بحق المعتقل أحمد المطرود بالسجن 15 سنة، وبحق خالد الغانم 13 عاما، فيما لم تتضح حيثيات الحكم ضد الناشط مجتبى المزين، أحد المعتقلين على خلفية تلك القضية.
المثير للقلق حقاً أن هذه الأحكام جاءت في وقت يتحدث فيه النظام السعودي عن رغبته في إصلاح علاقته بالمجتمع الدولي بعد أن فسدت بسبب ارتكاب النظام العديد من الانتهاكات الوحشية لحقوق الإنسان التي اخترق بموجبها القوانين الدولية، لهذا فمن الضروري أن يتدخل المجتمع الدولي وبصورة فورية للضغط على النظام السعودي واتخاذ ما يلزم لوضع حد لهذه الانتهاكات التي يبدو أن النظام مصمماً على المضي قدماً في ارتكاب المزيد منها.
اقرأ أيضًا: على السلطات السعودية سن تشريعات تدعم الحريات، وإطلاق سراح الأمير بن نايف
تعليق واحد