
تجدد منظمة “معًا من أجل العدالة” مطالبتها بالإفراج الفوري عن الناشط الحقوقي والمحامي السعودي محمد صالح البجادي، الذي لا يزال قابعًا في السجن رغم انتهاء فترة محكوميته منذ عام 2023، في انتهاك صارخ للقانون وحقوق الإنسان، واستمرارًا لسياسات القمع التي تنتهجها السلطات السعودية ضد أصحاب الرأي المستقل والنشطاء المدافعين عن الكرامة والعدالة.
تصريحات المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالمدافعين عن حقوق الإنسان، التي أعربت عن قلقها إزاء استمرار اعتقال البجادي، تؤكد مرة أخرى أن ما يتعرض له البجادي ليس مجرد تجاوز، بل جريمة مكتملة الأركان تعكس استخفافًا ممنهجًا بالقانون، وتعمدًا في إذلال الناشطين وسحق إرادتهم، وتؤكد أنه لم يعد هناك أي مبرر قانوني أو أخلاقي لاحتجازه، إلا إذا كان ذلك في إطار العقاب الإضافي لكل من تجرأ يومًا على المطالبة بالإصلاح أو كشف فساد السلطة.
البجادي، أحد مؤسسي جمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم)، دافع لسنوات عن المظلومين، وتعرض لجملة من الانتهاكات النفسية والجسدية، وتعرض للتعذيب والاختفاء القسري بسبب مواقفه السلمية. اعتُقل في مايو/أيار 2018 على أيدي ضباط أمن الدولة الذين اقتحموا منزله في الليل دون مذكرة توقيف، واقتادوه إلى مكان مجهول، ليواجه بعد ذلك محاكمة تفتقر لأبسط معايير العدالة، ويتعرض مجددًا للضرب والإهانة والتنكيل، تمامًا كما حدث معه في مرات سابقة منذ عام 2011، حين بدأت السلطات السعودية استهداف أعضاء جمعية “حسم” في محاولة لطمس صوت العدالة وتكميم الأفواه.
من المؤسف أن تتعامل السلطات السعودية مع المدافعين عن حقوق الإنسان باعتبارهم خصومًا للدولة، بدلًا من اعتبارهم شركاء في الإصلاح ودعائم الاستقرار. فالممارسات القمعية، والاعتقالات التعسفية، والاختفاء القسري، لم تجلب للمملكة سوى الإدانات الدولية والتقارير الحقوقية التي تفضح ما يجري خلف الجدران، بينما تبذل السلطة جهودًا هائلة لتلميع صورتها بالخارج عبر بوابات الرياضة والترفيه والاستثمارات.
إن قضية محمد البجادي ليست حالة فردية، بل تمثل جزءًا من مشهد أوسع من الاستهداف الممنهج لكل من يحاول أن يكون صوتًا للحق في السعودية. ومن خلال تتبع مسار قضيته، نرى تكرارًا لنمط واحد: الاعتقال دون إذن قضائي، التعذيب، الحجب عن العالم الخارجي، المحاكمات غير العادلة، ثم الاستمرار في الاحتجاز حتى بعد انقضاء العقوبة، في استهتار صارخ بالحقوق الأساسية التي لا تقبل المساومة.
لقد آن الأوان لإنهاء هذا المسلسل القمعي، ووضع حدٍ للانتهاكات التي تُمارس بحق النشطاء السلميين في السعودية، وعلى رأسهم محمد البجادي. فاستمرار احتجازه يفضح تواطؤ أجهزة الدولة في تكميم الأفواه وخنق الحريات، ويؤكد الحاجة إلى تدخل دولي جاد وفاعل لإنقاذ ما تبقى من فضاء حقوقي في البلاد.
إن الإبقاء على محمد البجادي في السجن رغم انتهاء مدة حكمه، يفضح زيف ادعاءات الإصلاح، ويؤكد أن منطق الانتقام السياسي لا يزال هو الحاكم في المملكة، وأن القوانين تُستخدم فقط حين تخدم السلطة، ويتم تجاوزها عندما تتعلق بحقوق الإنسان والحريات العامة. لا يزال مصير البجادي حبيس قرارات تعسفية، في وقت تتعالى فيه أصوات العالم مطالبة بوضع حد لحملات القمع الوحشي التي طالت المئات من الناشطين والأكاديميين والدعاة والصحفيين في السعودية. منظمة “معًا من أجل العدالة” تدعو مجددًا إلى الإفراج الفوري عن محمد البجادي، وكل معتقلي الرأي في السعودية، وتطالب المجتمع الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة بزيادة الضغوط على السلطات السعودية من أجل احترام التزاماتها الدولية، والكف عن احتجاز الأحرار الذين لا جريمة لهم سوى الدفاع عن حق الإنسان في الكرامة والحرية والعدالة.