العقاب الجماعي: الحكم الصادر ضد مالك الدويش جائر وتعسفي

في وقت سابق من العام الجاري، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة حكمًا بسجن المعتقل السياسي مالك الدويش لمدة 27 عامًا بعد نحو سنة من محاكمة صورية وهزلية على خلفية اعتقاله بسبب مطالبته بالكشف عن مصير والده الشيخ سليمان الدويش المختفي قسريًا منذ 2016.
الحكم الصادر ضد مالك الدويش يجسد سياسة العقاب الجماعي في أبشع صورها، وهي سياسة ينتهجها النظام السعودي للتنكيل بالمعارضين وعوائلهم بهدف كسر إرادتهم وسحق كافة أشكال المعارضة.
اعتقل مالك الدويش -نجل الداعية المعتقل سليمان الدويش- للاعتقال من قبل أجهزة الأمن السعودية في يوليو/تموز 2022، والمفارقة أن الاعتقال تم قبل زيارة جو بايدن للسعودية، كتأكيد من النظام السعودي أنه سيظل ينتهك حقوق الإنسان بلا هوادة.
الاعتقال تم في ظروف غامضة، ليلحق مالك بوالده وشقيقه المعتقلين والمختفين قسريًا دون عرض على أي جهة قضائية حتى الآن.
اعتقل الشيخ سليمان الدويش قبل حوالي سبع سنوات، تحديدًا في أبريل/نيسان 2016، وحتى اللحظة لا يزال مصيره مجهولاً حيث رفضت السلطات بشكل تام الإفصاح عن أي معلومات تخصه أو تتعلق بظروف ومكان اعتقاله.
جاء اعتقال الدويش بعد نشره سلسلة من التغريدات التي تنتقد السياسات الحالية للنظام الحاكم، ورفضه أن تصبح الصلاحيات في يد شخص واحد خاصة إن كان لا يمتلك الخبرة الكافية لذلك، وهو ما اعتبره ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إهانة شخصية له.
بحسب إفادات لمعتقلين سابقين، فإن الدويش كان محتجزاً معهم في مرفق اعتقال سري تابع للديوان الملكي في الرياض، وكان يتعرض لتعذيب وحشي بإشراف وأوامر مباشرة من ولي العهد نفسه، حتى أنهم شكوا في وفاته أكثر من مرة بسبب شدة التعذيب، وحتى اللحظة لا يوجد أي تأكيد بالسلب أو الإيجاب حول هذه المعلومة.
عائلة الدويش حاولت معرفة أخباره أو مكان احتجازه، وعليه توجه أحد أبنائه -عبد الرحمن- لتقديم بلاغ للنيابة العامة السعودية، لكن السلطات قررت معاقبة الابن لسعيه القانوني وراء أثر الوالد، وقامت باعتقاله في -أكتوبر/تشرين الأول الماضي-، ثم اعتقل شقيقه الآخر، وبعد فترة اعتقلت الشقيق الأصغر: مالك الدويش.
العام الماضي نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية مقالاً تحذر فيه من المخاطر التي تحيط بزيارة بايدن للسعودية، خاصة وأنه لا يوجد أي أمل في تحسين أوضاع حقوق الإنسان في المملكة، في وقت تتصاعد فيه حملات القمع الشرسة، والتي طالت أحد المواطنين الذين تواصلوا مع الجريدة لنقل معاناة عائلته على يد الأمن السعودي.
كان الشخص المقصود هو مالك الدويش، ابن الداعية المعتقل سليمان الدويش، وقد كشفت الصحيفة أن مالك الدويش أجرى حواراً مع الصحيفة قبل فترة بالرغم من المخاطر التي تنتظره بسبب حوار كهذا، وأشار إلى أنه ليس لديه ما يخسره بالتحدث علانية من داخل المملكة العربية السعودية، خاصة وأن اثنين من أشقائه اعتقلا بعد اختفاء والده.
وفي مطلع العام الماضي، أخبر مالك الصحيفة أنه تعرض للاعتقال والاستجواب والتهديد من قبل أمن الدولة السعودي بسبب اتصاله بمراسل الجريدة، وقبل أسبوعين من زيارة السيد بايدن، اعتقلته السلطات السعودية بتهم لا يمكن تحديدها، حسبما أفادت الصحيفة.
بدورنا نطالب الحكومات والأنظمة الدولية باتخاذ مواقف أكثر جدية من النظام السعودي والتدخل لوضع حد لانتهاكاته المتزايدة، والتي يشجعها استمرار التعاون معه.
كما نطالب بالتدخل الأممي العاجل وفتح تحقيقات فيما يتعرض له المعتقلون السياسيون في المملكة، وتشكيل لجنة دولية لفحص ظروف احتجازهم، والضغط من أجل إجلاء مصير كافة المختفين قسرياً وضمان محاكمة عادلة لكافة المعتقلين.