صحافة عالمية

الغارديان- رسالة إلى الغرب: لا تعتمدوا على الرياض!

في المقال الافتتاحي لجريدة الغارديان البريطانية، حذرت الجريدة من تعزيز التعاون مع النظام السعودي بقيادة بن سلمان بسبب سجله الوحشي ضد حقوق الإنسان، واصفة الاعتماد على السعودية للحصول على النفط أو ضمان الاستقرار الإقليمي بأنه “خطأ جسيم”.

جاءت هذه التحذيرات بعد دعوة المملكة المتحدة محمد بن سلمان لزيارة رسمية الخريف المقبل، وهي الأولى من نوعها منذ حادث اغتيال خاشقجي الوحشي.

قبل خمس سنوات، انتقد جيريمي هانت، وزير الخارجية آنذاك، مقتل المعارض والصحفي السعودي جمال خاشقجي في تركيا على يد عملاء سعوديين، ووعد بأن رد بريطانيا سيعتمد على “ضمان أن مثل هذه الحلقة المروعة لا يمكن – ولن – أن تتكرر”.

بالرغم من ذلك، وبالرغم من وجود تقارير استخباراتية أمريكية تؤكد تورط بن سلمان في هذه الجريمة الوحشية، وجهت المملكة المتحدة دعوة زيارة رسمية لولي العهد السعودي والحاكم الفعلي محمد بن سلمان، لتأتي هذه الخطوة ضمن محاولات إعادة تأهيل بن سلمان المستمرة منذ مقتل خاشقجي، خاصة بعد توتر العلاقات الخارجية بين السعودية وبين المجتمع الدولي بسبب اغتيال جمال خاشقجي.

عمليات تأهيل بن سلمان بدأت في جني الثمار بعد زيارة بايدن للسعودية في يوليو/تموز، بالإضافة إلى ضمانه “صداقة” بريطانيا بفضل مبيعات الأسلحة الضخمة للسعودية، بالإضافة إلى حاجة المملكة المتحدة الآن أكثر من أي وقت مضى لتوطيد علاقات استثمارية وتجارية مع السعودية لإنعاش اقتصادها.

لقد أنفقت الرياض بشكل كبير على عمليات التأثير وإدارة العلامات التجارية، والاستثمار في الغسيل الرياضي والترفيه، كما استخدمت تطبيق المراسلة الأمريكي Snapchat لتلميع صورة الملك المستقبلي، بينما فرضت أحكامًا شديدة القسوة على المؤثرين الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لنشر أي انتقاد للملك المستقبلي، مثل ما حدث مع طالبة الدكتوراه في ليدز، سلمى الشهاب، فضلًا عن تضاعف عدد عمليات الإعدام في عهد بن سلمان.

على الصعيد الدبلوماسي، تحاول المملكة الخروج من الحرب في اليمن- حيث تسبب تدخلها العدواني في حصد عشرات الآلاف من أرواح المدنيين الأبرياء وأسفر عن أسوأ كارثة إنسانية في العالم- وتحسين علاقاتها المتدنية مع إيران. ومع ذلك، كان العامل الأكبر في إعادة تأهيلها هو الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة، وأعاد تشكيل العلاقات الدولية، إذ يريد الغرب تقييد التعاون مع روسيا ويعرف أن الرياض تتطلع إلى الصين من أجل “نزع أمريكا” عن مستقبلها.

لطالما اعتبرت واشنطن ولندن الرياض كضامن للاستقرار الإقليمي، ومع ذلك، اندفع ولي العهد بتهور إلى اليمن وشارك في قيادة الحصار المفروض على قطر. التقارير أثبتت أيضًا تورطه في خطف سعد الحريري – رئيس الوزراء اللبناني آنذاك- وإجباره على الاستقالة أثناء وجوده في الرياض.

وعلى الرغم من محاولات بن سلمان تحسين علاقاته الدولية، فإن علاقاته الإقليمية ليست على ما يرام، إذ تشهد علاقته مع مرشده السابق محمد بن زايد -رئيس الإمارات- توترًا ملحوظًا كشفت عنه صحيفة “وول ستريت جورنال”، التي نقلت عن بن سلمان قوله بأن الإمارات “طعنتنا في الظهر” و “سترى ما يمكنني فعله”، في تطور يعكس المصالح الجيوسياسية المتنافسة، والتنافس الاقتصادي، ويبدو أنه تصارع من أجل الذات.

التوتر الإماراتي السعودي محبط للولايات المتحدة، التي سعت إلى إصلاح الجسور مع ولي العهد العام الماضي في محاولة عبثية للحصول على طاقة أرخص. بعد وقت قصير من لقائه بايدن، خفضت أوبك إنتاج النفط بدلاً من تعزيزه – مما يضمن بقاء الأسعار مرتفعة في الفترة التي سبقت الانتخابات النصفية للولايات المتحدة. وبحسب ما ورد، ألقت الإمارات العربية المتحدة باللوم على السعوديين في هذا القرار، مما أبرز قصر نظر الاعتماد على الرياض ووقودها الأحفوري.

أشار بعض المحللين إلى أن محمد بن سلمان تعلم درسه في ضوء رد الفعل الدولي العنيف على مقتل خاشقجي، وأنه يسلك مسارًا أكثر اعتدالًا، لكن النتيجة المنطقية التي يمكن أن يستخلصها ستكون بالتأكيد أن النفط والمال الكافيين سيضمنان نجاته من أي مساءلة دولية على جرائمه، حتى لو لم يتوقف عن ارتكاب المزيد، بل يرى البعض إن هذه الخطوات تُعد بمثابة تشجيع على ارتكاب المزيد بالفعل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى