واشنطن بوست: المعارض- فيلم وثائقي يفضح وحشية النظام السعودي مع معارضيه

ترجمة عن مقال في واشنطن بوست
قبل أيام قليلة، طرح المخرج -الحائز على أوسكار- بريان فوغل فيلمه “المعارض”، الذي يتناول حياة الصحفي السعودي جمال خاشقجي ويسلط الضوء على الطريقة الوحشية التي قُتل بها داخل قنصلية بلاده في إسطنبول على يد عملاء تابعين للنظام السعودي، كما يركز الفيلم أيضاً على تهديدات مشابهة يواجهها عدد من أصدقاء خاشقجي المعارضين، وأبرزهم المعارض عمر عبد العزيز- رفيق خاشقجي في مشروعه الأكبر لفضح انتهاكات النظام السعودي.

ما هو فيلم المعارض؟
فيلم “المعارض” كما ذُكر أعلاه تناول حياة جمال خاشقجي وخبايا جريمة القتل التي تعرض لها، لكنه كذلك أفرد مساحة خاصة للتركيز على التهديدات التي يتعرض له صديقه ورفيق كفاحه- الناشط السعودي المنفي في كندا: عمر عبد العزيز، والذي عمل بشكل وثيق مع خاشقجي قبل وفاته، وكونا سوياً فريقاً من “النحل الإليكتروني” للتصدي لهجمات الذباب الإليكتروني التابع لمحمد بن سلمان وحاشيته، والذين يعملون على تشويه المعارضة ودعم خطط ومشاريع محمد بن سلمان والدفاع عن جرائمه.

بحسب الفيلم، تعرض عمر عبد العزيز لتهديدات مكثفة بعد مقتل خاشقجي لعدم توقفه عن نشاطه المعارض للسلطات ومواصلته مهمة خاشقجي الإصلاحية ونشره بصورة مستمرة منشورات تنتقد ممارسات بن سلمان وحاشيته على وسائل التواصل الاجتماعي، حتى أن السلطات قامت باعتقال أشقائه للضغط عليه، لكن جميعها أمور لم تثنيه عن مواصلة نشاطه، خاصة بعد تلقيه مكالمة من ضابط في شرطة الخيالة الملكية الكندية، طلب منه فيها بجدية تامة أخذ حذره لأن السلطات السعودية تحيك ضده أمر ما، وذكر عبد العزيز أن الضابط حذره بصرامة قائلاً “لا تنشر أبدًا على وسائل التواصل الاجتماعي… قد لا نتمكن من حمايتك”.
عمر عبد العزيز لا يحظى بذات الشهرة التي حظي بها خاشقجي، لكن من المرجح أن يساهم فيلم “المعارض” في تسليط الضوء عليه أكثر بعد نشر قصته وما يتعرض له للعالم أجمع، حيث يحكي الفيلم عن عبد العزيز، الذي لا يسعى فقط لمواصلة عمل خاشقجي، ولكنه يقدم نوعًا من التاريخ البديل، مذكِّرًا بما كان خاشقجي سيستمر في فعله لو لم يُقتل.

في مقابلة عبر رابط فيديو آمن، وصف عبد العزيز -الذي تحدث من مكان مجهول في مونتريال- حياته الحالية، قال: “لدي ستة هواتف على مكتبي الآن لأن هاتفي تعرض للاختراق [من قبل الحكومة السعودية] في 2018″… “يمكنني الذهاب إلى مطعم أو دار سينما، لكن لا يمكنني إخبار أي شخص بمكان تواجدي”.
في الفيلم، يقول عمر إنه لا يكف عن التفكير في خاشقجي أو مقتله، الذي تشير الأدلة إلى أنه قد اختنق ببطء على يد فريق من العملاء وتم قطع أوصاله بمنشار عظام.
حتى على الأراضي الكندية، أكد عبد العزيز أن الخطر يحدق به من كل الزوايا، مضيفاً أنه يقاوم العديد من المحاولات لإغرائه بالعودة إلى وطنه، حيث يعتقد أنه سيتم اعتقاله وتعذيبه، حتى أنه صد شخصيات سعودية بارزة جاءت لاستعادته.
ومع ذلك، ورغم تلك الأهوال، فهو يواصل عمل خاشقجي تحت التهديد المستمر بالقتل، ويقوم بالتغريد ضد النظام لأكثر من نصف مليون متابع على تويتر-الذي يعتبر المصدر النادر للمعلومات المستقلة في المملكة- كما ينشر مقاطع فيديو على موقع يوتيوب، والتي حصدت أكثر من 30 مليون مشاهدة العام الماضي.
عبد العزيز جزء من مجموعة صغيرة -لكنها مؤثرة- من المعارضين السعوديين التي تضم أيضًا شخصيات مثل لجين الهذلول، الناشطة التي حُكم عليها الشهر الماضي بالسجن لمدة ست سنوات تقريباً في السجن بسبب عملها من أجل حقوق المرأة.
قال فوغل- صانع الفيلم-: “لقد صنعت هذا الفيلم لعمر ولجين”… “لقد صنعتهه لجميع الأشخاص الذين يعانون لأنهم يتحدثون عن الحرية، ويطالبون بالحرية”، مضيفاً أنه يأمل أن يدفع موقف عبد العزيز الشباب الآخرين إلى مواجهة هذا النظام.
وأكد فوغل أنه يريد أيضاً أن يُظهر أن حكاية خاشقجي لا تقدم مأساة فحسب، بل إرثًا يمكن للجميع الاستفادة منه واستغلاله لمحاربة القمع والاستبداد.
واختار “فوغل” تسليط الضوء على ما يعانيه عبد العزيز بالتحديد للارتباط الوثيق بينه ويبن خاشقجي، والذين استطاعا الوصول إلى الشباب في بلد تقل أعمار 40٪ من سكانه عن 25 عامًا، كما ابتكرا سوياً فرق “النحل”.
الفيلم تحدث عن معاناة شقيقيّ عبد العزيز داخل السجون السعودية، حيث تم القبض عليهما مع أصدقاء آخرين، ومع ذلك لم يتوقف عمر عن التغريد، حيث قال “أعرف أنهم تعرضوا لتعذيب شديد، وهذا يسبب لي الألم”…. “لكن لا يمكنني التوقف، لأنهم إذا استخدموها كبطاقة لمنعي من النشر اليوم، فسيستخدمونها غدًا كبطاقة لقتلي “… كل هذه التهديدات تحفزني للمواصلة”
أحد ممولي الفيلم “بيل براودر”، قال إنه “يعتقد أن عبد العزيز قد أخذ حياته بين يديه من خلال السعي لمواصلة عمل خاشقجي… أعتقد أن عبد العزيز في مأزق يعرفه جيداً”، وأضاف في مقابلة “إنه وضع محفوف بالمخاطر للغاية … السعوديون لديهم كل الموارد في العالم…. ونعرف كيف يلاحقون أعدائهم “.
يُعتقد أن براودر، الذي عمل مجانًا لنشر كلمة عن الفيلم في واشنطن، يتعرض لتهديد كبير من السلطات الروسية بسبب حملته من أجل قوانين مكافحة الفساد المستندة إلى العقوبات والمعروفة باسم “قوانين Magnitsky” ، والتي سميت باسم محاميه الذي يُزعم أنه قتل من قبل السلطات الروسية.
من ناحية أخرى، عملية طرح الفيلم تسببت في ربكة كبيرة للنظام السعودي، الذي بدوره استغل نفوذه لمنع بثه على المنصات السينمائية العالمية كـ “نتفلكس” و”شاهد” و”أمازون” و”سيليكون فالي” و”آبل”، وبالتالي تم طرح الفيلم من قبل شركة Briarcliff Entertainment ، وهي موزع مستقل، على منصة Briarcliff، والتي بدورها ستعرض الفيلم في 175 مسرحاً وعلى العديد من منصات التأجير الرقمية الأخرى، والتي تصل إلى أكثر من 150 مليون منزل في الولايات المتحدة، ومع ذلك، لن يحصل الفيلم على نفس الدفعة التسويقية إذا استحوذ عليه أحد المشغلين مباشرةً وسيتطلب أيضًا من العملاء الدفع بشكل منفصل، مما قد يقلل من جمهوره.
اقرأ أيضًا: بعد استمرار اختفائها للشهر السادس .. ما مصير السعودية أماني الزين؟