كشفت مصادر حقوقية عن تعرض عدد كبير من العمال المهاجرين الذين رحلوا من السعودية إلى إثيوبيا إلى الاعتقال والتعذيب الذي أدى إلى الموت في حالات عديدة، فيما لا يزال مصير العشرات منهم غير معروف بعد نقله إلى أماكن مجهولة.
بدأ الأمر مع تفشي فيروس كورونا أوائل عام 2020، حين قامت السلطات السعودية باعتقال عشرات الآلاف من العمال الإثيوبيين واحتجازهم في ظروف مروعة شديدة القسوة دون أي إنسانية، بحجة مكافحة الوباء، لكن وبحسب إفادات المعتقلين فإنهم كانوا في مقابر جماعية، حيث التلوث ساعد في تفشي أوبئة أكثر خطورة، مع الضرب والتعذيب والتجويع الذي تسبب في مقتل العديد منهم.
مع فضح الانتهاكات السعودية بحق هؤلاء العمال تم إبرام اتفاقية ترحيل ثنائية بين السعودية وإثيوبيا بالرغم من وجود حرب أهلية في البلد الإفريقي وتعرض أبناء مقاطعة تيغراي لاضطهاد ممنهج وممارسات عنصرية وقتل واعتقال، وهي المقاطعة التي تضم آلاف العمال المهاجرين الذين تم ترحيلهم من السعودية وتسليمهم للسلطات في بلادهم.
وأعقب حملة القمع عمليات ترحيل مكثفة لأكثر من 30 ألف إثيوبي في الفترة ما بين 26 يونيو/حزيران و 9 يوليو/تموز فقط.
فور عودتهم إلى الوطن العام الماضي، تم اعتقال معظم العمال من أبناء تيغراي، واحتجازهم في مراكز احتجاز خاصة في أديس أبابا، وأوروميا في الجنوب، ومنطقة عفار القريبة من تيغراي.
فيما حدد المهاجرون مجمع كلية زراعية في بلدة “شون” في جنوب غرب إثيوبيا، على بعد حوالي 264 كيلومترًا من أديس أبابا، كمكان تم تحويله إلى معسكر اعتقال للمرحلين من السعودية.
وبحسب بعض المحتجزين، فإن ظروف الاعتقال في السعودية مع قساوتها، هي أقل سوءً وأفضل مما يتعرضون إليه داخل السجون الإثيوبية، حيث يقول بعضهم إن الضرب والتعذيب أشبه بروتين يومي وأصبح ممارسة طبيعية تمارس ضدهم من قبل السجانين وأفراد الأمن.
بالإضافة إلى ذلك، تعرض الكثير منهم للاختفاء القسري، ولم تفصح السلطات إن كانوا لا يزالون على قيد الحياة، خاصة وأن الكثيرين ممن تم احتجازهم قُتلوا جراء التعذيب.
في سياق متصل، تم إجبار عدد كبير من هؤلاء العمال على العمل في مزارع تابعة للدولة بصورة قسرية دون أجر وبمقابل القليل من الطعام ومن يعترض مصيره الاعتقال أو الموت.
إننا نحمل النظام السعودي مسؤولية أي انتهاكات يتعرض لها هؤلاء المهاجرين إذ تم ترحيلهم وإبعادهم عن المكان الذي يكسبون فيه قوت يومهم لإعالة عائلاتهم وتسليمهم إلى سلطات تجمعها خصومة واضحة ومعلنة مع عرقهم.
ونطالب البرلمان الأوروبي الذي تدخل لحل أزمة المهاجرين داخل السعودية، التدخل مرة أخرى لإنقاذهم من المصير المظلم الذي يواجهونه على يد السلطات الإثيوبية وفتح تحقيقات عاجلة في كافة الانتهاكات والجرائم التي تعرضوا إليها في السعودية وفي إثيوبيا.
كما نطالب المجتمع الدولي من أنظمة وحكومات اتخاذ موقفاً أخلاقياً ووقف أي تعاون مع هذه البلدان التي تضطهد العمال الأبرياء أو تمارس ممارسات عنصرية وقمعية ضد الأقليات العرقية المختلفة.