
تعرب منظمة معًا من أجل العدالة عن إدانتها الشديدة لقيام السلطات السعودية بمنع خبيرة الأمم المتحدة المعنية بحقوق كبار السن، الدكتورة كلوديا ماهلر، من زيارة الشيخ الدكتور سلمان العودة في محبسه بسجن الحائر، رغم ورود تقارير مقلقة تؤكد أن حالته الصحية في تدهور مستمر، ويكاد يفقد البصر في إحدى عينيه، بينما لا يزال محتجزًا في زنزانة انفرادية منذ أكثر من سبع سنوات ونصف.
إن رفض النظام السعودي السماح لمقرّرة أممية مستقلة بتفقد حالة الشيخ العودة يمثل تحديًا صارخًا للمنظومة الدولية لحقوق الإنسان، وانتهاكًا فاضحًا لالتزامات المملكة بموجب ميثاق الأمم المتحدة وآليات التعاون مع المقررين الخاصين. كما أن هذا التصرف يكشف بشكل واضح محاولات النظام التستّر على ما يجري داخل السجون، لا سيما في ظل ما يُبلّغ به من حرمان الشيخ من الرعاية الطبية، وعزله التام منذ عام 2017، بما يُشكّل في حد ذاته نمطًا من أنماط التعذيب المحظور دوليًا.
وبحسب ما أفاد به نجله الأكاديمي والحقوقي عبد الله العودة، فإن والده لا يزال يعيش في عزلة قسرية دون تواصل مع عائلته أو دفاعه القانوني، ولم يُعرض على محكمة مستقلة، بل ظل ملف قضيته معلقًا لأكثر من أربع سنوات منذ آخر جلسة عُقدت عام 2021، وسط مطالبات متكررة من النيابة العامة بتنفيذ حكم الإعدام “تعزيرًا” بحقه، ضمن سلسلة محاكمات سياسية شملت أيضًا الداعيتين عوض القرني وعلي العمري.
يُعد استمرار احتجاز الشيخ العودة، في ظل هذه الظروف القاسية، وعدم عرضه على محكمة مختصة مستقلة، وتجاهل خطورة حالته الصحية، جريمة إنسانية متكاملة الأركان، ووجهًا آخر من وجوه استخدام القضاء كأداة قمع لا علاقة لها بالعدالة أو القانون. كما يُظهر هذا الموقف تمادي السلطات السعودية في التضييق على الأصوات الدينية المستقلة، رغم ما تدّعيه من انفتاح أو إصلاح.
وتأتي هذه التطورات في وقت حساس تشهده المملكة، إذ من المقرر أن يستقبل النظام السعودي خلال الأيام المقبلة زيارة للرئيس الأمريكي السابق والحالي دونالد ترامب، في إطار تعزيز الشراكات السياسية والاقتصادية، وهو ما يطرح تساؤلات خطيرة حول صمت الإدارة الأمريكية المتواصل إزاء الانتهاكات الحقوقية المتزايدة في السعودية، خاصة مع وجود تقارير تؤكد أن البيت الأبيض على دراية بوضع الشيخ العودة وآخرين دون اتخاذ أي موقف واضح أو ضاغط.
في ضوء ذلك، تدعو منظمة معًا من أجل العدالة المقررين الأمميين، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، والهيئات المختصة في الأمم المتحدة إلى التحرك العاجل لإرسال بعثة دولية لتقصي الحقائق بشأن ظروف الاحتجاز في السعودية، والمطالبة الإفراج الفوري وغير المشروط عن الشيخ سلمان العودة، وتمكينه من تلقي الرعاية الصحية العاجلة، وإنهاء عزله الانفرادي.
كما تطالب الإدارة الأمريكية، لا سيما خلال زيارة الرئيس ترامب المقبلة، بوقف تواطؤها السياسي، والضغط الجاد على النظام السعودي لإطلاق سراح كافة معتقلي الرأي، ووقف الاعتقال التعسفي للأكاديميين والدعاة والمصلحين.
وتؤكد معًا من أجل العدالة على ضرورة محاسبة الجهات الأمنية والقضائية المتورطة في استمرار احتجازه بهذه الصورة غير القانونية.
إننا في معًا من أجل العدالة نحمّل النظام السعودي المسؤولية الكاملة عن سلامة الشيخ سلمان العودة، ونؤكد أن استمرار صمته الدولي يُشجّع على ارتكاب المزيد من الانتهاكات. الصمت لم يعد حيادًا، بل تواطؤًا، والمجتمع الدولي مطالب اليوم باتخاذ خطوات ملموسة لوقف هذه الجرائم.