تدين منظمة “معاً من أجل العدالة” بأشد العبارات الجريمة المروعة التي ارتكبها النظام السعودي صباح السبت 14 يونيو 2025، بإعدامه الصحفي والمدوّن تركي الجاسر، بعد نحو سبع سنوات من الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري وسنوات من مزاعم التعذيب الوحشي.
لقد اختطف تركي الجاسر في مارس/آذار 2018 بعد أن كشفت السلطات السعودية عن هويته كصاحب حساب “كشكول” المعارض على تويتر، وذلك إثر تعاون إجرامي بين النظام وشركة تويتر، حيث سرب مكتب الشركة في دبي بيانات سرية عن معارضين لصالح أجهزة الأمن السعودية، وهو ما أكده لاحقًا تحقيق لصحيفة “نيويورك تايمز” وعدد من وسائل الإعلام الدولية.
منذ لحظة اعتقاله، حُرم الجاسر من أي حقوق قانونية. لم يُسمح لعائلته بتوكيل محامٍ، لم يُعرض على محاكمة عادلة، وانقطعت أخباره تمامًا، حتى تواصل لمرة واحدة مع عائلته عام 2020 ليطمئنهم بأنه لا يزال على قيد الحياة. واليوم، وبعد سنوات من الإخفاء والتعذيب، يعلن النظام السعودي قتله تعزيرًا بتهم فضفاضة ومُلفقة، كـ “الخيانة العظمى” و”زعزعة أمن الدولة”.
نعتبر هذا الإعدام جريمة قتل عمد مكتملة الأركان، ارتُكبت عن سبق إصرار، في ظل إفلات كامل من العقاب، وتواطؤ دولي مخزٍ، وغضّ طرف فاضح من مؤسسات وهيئات من المفترض أن تمثل الضمير العالمي.
إن النظام السعودي لم يكن ليجرؤ على ارتكاب هذه الجريمة لولا الصمت المتواصل من المجتمع الدولي، والدعم المتزايد الذي يحظى به مقابل المال والنفط والاستثمارات، بدءًا من اتفاقات التطبيع التي شرعنت القمع، مرورًا بموافقة الفيفا على منحه تنظيم كأس العالم 2034، ومعرض إكسبو، وانتهاءً بتصريحات القادة الأوروبيين ودونالد ترامب الذين تجاهلوا تصاعد معدلات الإعدام والتعذيب، وصدقوا مزاعم محمد بن سلمان بأن الإعدامات في المملكة تراجعت ولم تعد تطال أصحاب الرأي.
نؤكد أن إعدام تركي الجاسر ليس سوى حلقة جديدة في مسلسل التصفية المنظمة للمعارضين داخل المملكة، ورسالة واضحة لكل من يجرؤ على التعبير عن رأيه، حتى لو كان عبر تغريدة. كما نحمّل شركة “تويتر” ومكتبها في دبي مسؤولية مباشرة عن تسريب بيانات الجاسر، التي أدت إلى اعتقاله ومن ثم إعدامه.
نطالب الأمم المتحدة، والمقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القانون، بفتح تحقيق فوري وشفاف في هذه الجريمة، ومساءلة السلطات السعودية على كل المستويات، ووقف التعاون السياسي والاقتصادي معها حتى وضع حد لجرائمها الممنهجة ضد مواطنيها. وندعو جميع المؤسسات الإعلامية الدولية إلى عدم التعامل مع هذه الجريمة باعتبارها حادثًا داخليًا، بل جريمة ضد حرية الصحافة والرأي، وضد كل المبادئ التي يدّعي العالم الحر التمسك بها.



