بسبب رفض التطبيع مع الاحتلال… الناشط والمدون السعودي راكان العسيري خلف القضبان منذ أربع سنوات

قبل أربع سنوات، حاول شاب سعودي استخدام حقه في التعبير عن رأيه تجاه بعض الأمور الداخلية والخارجية في سياسة النظام السعودي، تحدث عن رفضه أي فرصة للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وطالب ببعض الإصلاحات المجتمعية خاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة، لكنه لم يعلم أن هذا الحق سيستخدمه النظام كذريعة للتنكيل به ولحرمانه من حريته وبقية حقوقه الأساسية كالمعاملة الكريمة والعيش بكرامة.
هذا الشاب هو الناشط والمدون راكان العسيري، خريج هندسة البرمجيات من جامعة الملك سعود، نشر عدة فيديوهات وتغريدات على منصاته على مواقع التواصل الاجتماعي مطالبًا النظام بعدم التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي بأي شكل وعلى أي مستوى، والتمسك بموقف المملكة التاريخي في رفضها للاعتراف بدولة الاحتلال والتأكيد على حق الفلسطينيين في العودة واستعادة أراضيهم المحتلة.
منصات راكان العسيري في الفضاء الإلكتروني كانت مخصصة لمناقشة القضايا المجتمعية وتسليط الضوء على مشاكل المجتمع ومحاولة إيجاد حلول لها، وبالرغم من أسلوبه السلس والمهذب في عرض أفكاره، وخلو سجله الجنائي من أي قضايا ومخالفات، قررت السلطات السعودية اعتقاله في أبريل/نيسان 2020 وتغييبه خلف القضبان حتى يومنا هذا دون أي سند قانوني إذ لم يتم توجيه تهم رسمية له حتى الآن.
أربع سنوات من الاعتقال التعسفي والمعاملة المهينة مرت على العسيري ومن غير المعلوم متى ستنتهي، إذ لم يتم البت في موقفه القانوني أمام القضاء بعد، وفي نفس الوقت، تعاني عائلة العسيري من تضييقات مستمرة خلال زيارتهم له، التي تكون قصيرة في مدتها ولا يُمنحوا تصريح بها إلا بعد التقدم بطلبات كثيرة للجهات المختصة.
مأساة راكان العسيري لم تتوقف عند هذا الحد، ولم يكتف النظام السعودي بحرمانه من حريته والتضييق على عائلته، بل أجبرته السلطات على الظهور في برنامج من إنتاج الدولة للترويج للسجن الذي يبقع بداخله، سجن الحائر، وتحدث عن ظروف احتجاز عالية الجودة ومدى التزام السلطات بالمعايير، وكان ذلك في يونيو/حزيران 2022 على قناة الإخبارية التابعة للتليفزيون الرسمي.
ظهور راكان العسيري كان الأول بعد سنتين من اعتقاله التعسفي على خلفية انتقاده التطبيع مع إسرائيل، وقد ظهر وهو يقوم بالتعريف بأنشطة سجن الحائر التي توفرها المباحث العامة وأمن الدولة، كما تم البث من داخل قاعات يقول نشطاء عنها إنها تابعة لأحد الفنادق.
اللافت للنظر، أن سجن الحائر الذي تسعى السلطات لتلميع صورته ونشر دعاية إيجابية عنه -بالكذب والإجبار- هو ذاته السجن الذي قُتل فيه شيخ الحقوقيين السعوديين عبد الله الحامد نتيجة تعرضه للإهمال الطبي المتعمد، والتعنت في تقديم أي رعاية طبية له.