أعلنت عائلة المعتقل السعودي عبد الرحمن السدحان عن انقطاع الاتصال به مرة أخرى، ورفض السلطات الإفصاح عن أي معلومات حول وضعه الحالي أو مكان أو ظروف احتجازه.
عبد الرحمن السدحان هو عامل إغاثة سعودي، اعتقل في 12 مارس / آذار 2018، من داخل أحد مكاتب الهلال الأحمر بالعاصمة السعودية الرياض، واستمرت السلطات في إنكار تواجده لديها لمدة شهر، ثم اعترفت باعتقاله لكنها لم تمكن عائلته من زيارته كما رفضت الإفصاح عن أي معلومات حول أسباب ومكان احتجازه، كما لم يعرض على المحكمة ليظل طوال الثلاث سنوات محتجزاً دون توجيه تهمة رسمية، قبل الحكم عليه في أبريل/نيسان الماضي.
طوال فترة احتجازه، وقبل الحكم عليه، لم تسمح السلطات لعبد الرحمن بالتواصل مع عائلته سوى مرتين فقط، الأولى كانت بعد حوالي 23 شهراً من اعتقاله، حيث سُمح له بالاتصال بهم في مكالمة هاتفية استغرقت دقيقة على الأكثر، طمأنهم أنه لا زال على قيد الحياة ورهن الاحتجاز داخل سجن الحائر، أما الثاني جاء بعد مرور ثلاث سنوات من الاعتقال.
لم يُسمح لعبد الرحمن بالزيارات العائلية ولا بتوكيل محام لتمثيله قانونياً أمام القضاء الذي أحيل إليه بتهم لم يتم الاطلاع عليها إلا أثناء تلاوة الحكم، وبعد أكثر من ثلاث سنوات من الاحتجاز غير القانوني، أصدرت محكمة سعودية حكماً بالسجن لمدة 20 عاماً، بالإضافة إلى حظر السفر لمدة 20 عاماً بعد إطلاق سراحه، وفي أكتوبر/تشرين الأول 2020 أيدت محكمة الاستئناف الحكم.
المثير للقلق حقاً أن اعتقال السدحان جاء في الأساس نتيجة اختراق حسابه على تويتر، حيث كان يدير حساباً ساخراً ينتقد السياسات الحاكمة، ولكن تحت هوية مجهولة، لكن مع تمكن النظام السعودي من تجنيد بعض المسؤولين في تويتر تم اختراق الحساب والتوصل إلى هوية السدحان، ليدفع ثمن جرأته على التصريح برأيه الشخصي على منصته الشخصية من حريته وصحته وسلامته.
لقد تعرض السدحان لجملة من الانتهاكات الحقوقية والقانونية منذ اليوم الأول لاعتقاله الذي حدث بصورة تعسفية، وأعقبه إخفاء قسري، ومعاملة سيئة وتعذيب وحشي وإجبار على الاعتراف، وإهمال طبي، وغيرها من دروب المعاملة القاسية التي تجرمها القوانين الدولية، وترفضها الطبيعة البشرية السوية.
اعتقال السدحان من البداية هو نتيجة لسياسات القمع الوحشي الذي ينتهجه النظام الحالي، فهو ضحية تجسس السلطات السعودية على مستخدمي تويتر واختراقها حسابات المعارضين، إذ تم التوصل إلى هوية السدحان الحقيقة بعد مراقبة أحد الحسابات المعارضة على التواصل الاجتماعي، ليفقد حريته على إثر هذا الانتهاك الجسيم، بحسب وكالة بلومبرغ الأمريكية.
الحكم تسبب في موجة انتقادات واسعة وغضب عالمي ضد المملكة العربية السعودية، إذ أصدرت الخارجية الأمريكية بياناً الثلاثاء 06 أبريل/نيسان يدين الحكم، حيث قال المتحدث الرسمي باسم الوزارة ” نحن قلقون من التقارير التي تفيد بأن محكمة مكافحة الإرهاب في السعودية حكمت على عامل الإغاثة السعودي عبد الرحمن السدحان بالسجن لمدة 20 سنة تليها حظر سفر لمدة 20 سنة”، مضيفاً “سنواصل مراقبة هذه القضية عن كثب خلال أي عملية استئناف. إن حرية التعبير، ومثلما قلنا للمسؤولين السعوديين على جميع المستويات، لا ينبغي أن تكون جريمة يعاقب عليها القانون. وسنواصل تعزيز دور حقوق الإنسان في علاقاتنا مع المملكة العربية السعودية وكذلك تشجيع الإصلاحات القانونية التي تحترم حقوق الإنسان لجميع الأفراد”.
فيما وصفت نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأمريكي الحكم الصادر ضد عبد الرحمن السدحان بـ “الوحشي”، مؤكدة أن سجنه لفترة طويلة ودون محاكمة “يُعد ظلماً فادحاً ومروعاً”، مشددة على أن “الرياض بحاجة إلى معرفة أن العالم يراقب تصرفات السعودية المزعجة وأننا سنحاسبهم”.
إننا في “معاً من أجل العدالة” نطالب بالإفراج الفوري عن السدحان وضمان حصوله على كافة حقوقه التي لم يتوقف النظام عن انتهاكها منذ اليوم الأول لاعتقاله.
ونطالب الأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان الدولية بالتدخل العاجل للضغط على النظام السعودي لإجلاء مصير عبد الرحمن السدحان، والضغط على النظام السعودية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في المملكة.