بلا أي دليل إدانة.. يُذكر النظام السعودي يُنفذ أحكام إعدام جديدة رغم كل المناشدات الدولية
تعبر منظمة “معًا من أجل العدالة” عن إدانتها الشديدة لتنفيذ السلطات السعودية حكم الإعدام بحق المواطنين السعوديين محمد بن ظافر بن ناصر العمري وعبد الله بن خضير بن عبد الله الغامدي، وذلك وفقًا لتهم وُجهت إليهما بموجب قانون مكافحة الإرهاب الذي طالما أثار انتقادات واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان والخبراء القانونيين حول العالم بسبب ما يحتويه من خروقات قانونية جسيمة وعدم توفيره أبسط معايير المحاكمات العادلة.
كما هو الحال في معظم قضايا الإعدام في السعودية، أصدرت المحكمة المختصة حكم الإعدام في سرية تامة دون الكشف عن أي تفاصيل تتعلق بسير القضية، مما يثير تساؤلات مشروعة حول مدى شفافية العملية القضائية ومصداقية الأحكام الصادرة. كما لم تقدم السلطات السعودية أي معلومات جوهرية عن خلفيات القضية، مثل تواريخ الاعتقال أو أعمار المتهمين أو حتى طبيعة الأدلة التي استندت إليها المحكمة لتوجيه هذه التهم الخطيرة. يكتفي البيان الرسمي بذكر أسماء المتهمين دون إيضاح أي من الظروف المحيطة بالقضية، مما يعكس سياسة معتادة من التعتيم المفروض على ملفات الاتهام ومنع أي أطراف مستقلة – سواء كانوا صحفيين أو حقوقيين أو محامين أو حتى عائلات الضحايا – من الاطلاع على تفاصيل الاتهامات أو الأدلة المقدمة أمام المحكمة.
السرية التي أحاطت بالقضية لم تقتصر على إجراءات المحاكمة، بل شملت أيضًا قرار الإعدام نفسه، حيث فوجئ الجميع بالإعلان عن تنفيذ الحكم دون سابق إنذار أو إعلان مسبق عن صدور القرار النهائي. هذا النهج يعكس افتقارًا واضحًا إلى الشفافية ويمثل خرقًا صارخًا للمعايير الدولية التي تضمن حق المتهم في الحصول على محاكمة عادلة وعلنية تتيح له الدفاع عن نفسه بشكل كامل.
إن مثل هذه الانتهاكات القانونية تجعل الأحكام الصادرة بموجب هذا القانون معيبة وغير موثوقة بغض النظر عن طبيعة التهم الموجهة أو مدى حقيقتها. هذا التعتيم الممنهج والغياب التام للشفافية يؤديان إلى تشكيك كبير في مصداقية النظام القضائي السعودي بأكمله، ويفتحان الباب أمام اتهامات باستخدام القضاء كأداة لقمع الأصوات المعارضة أو أي شخص يُعتبر تهديدًا للنظام.
وفقًا لتقارير منظمات حقوقية دولية، تواصل السعودية تنفيذ أحكام الإعدام بمعدلات مقلقة جعلتها واحدة من أكثر الدول تنفيذًا لعقوبة الإعدام عالميًا. فقد شهدت الأعوام الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في أعداد الإعدامات، حيث تم تنفيذ أكثر من 198 شخصًا حتى الآن في عام 2024، وهو الرقم الأعلى خلال ثلاثة عقود، وفقًا لمنظمة العفو الدولية. تُنفذ هذه الأحكام غالبًا في ظل إجراءات تتسم بالسرية وعدم الالتزام بالمعايير الدولية للمحاكمات العادلة، حيث يتم استغلال قوانين مكافحة الإرهاب لاستهداف المعارضين والنشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
إلى جانب ذلك، تمتلك السعودية سجلًا مروعًا مليئًا بانتهاكات حقوق الإنسان التي تشمل قمع حرية التعبير والتجمع السلمي، وسجن النشطاء السياسيين، وإصدار أحكام قاسية بحق من يمارسون حقهم المشروع في التعبير عن آرائهم. تتسع دائرة القمع لتشمل أيضًا أساليب تعذيب ممنهجة لإجبار المتهمين على الإدلاء باعترافات تحت الإكراه، والتي غالبًا ما تكون أساس الأحكام الصادرة عن المحاكم السعودية.
إن منظمة “معًا من أجل العدالة” تدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف واضح وحازم تجاه هذه الانتهاكات المتكررة والخطيرة، وإلى ممارسة ضغوط حقيقية على السلطات السعودية لاحترام حقوق الإنسان وضمان تطبيق معايير العدالة والشفافية في كافة القضايا، وخاصة تلك التي تتعلق بأحكام الإعدام. كما تطالب المنظمة بإجراء تحقيق دولي مستقل في قضايا الإعدام السرية في السعودية، وضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الخروقات التي تتنافى مع أبسط مبادئ القانون الدولي الإنساني.