تقارير

بين جحيم الإبعاد القسري ونيران حظر السفر: المعارضون السياسيون رهينة في قبضة النظام السعودي

بكلمات مؤلمة عبرت الناشطة السعودية علياء الهذلول عن الواقع المأساوي التي تعيشه هي وعائلتها المبعدين عن المملكة العربية السعودية والمحبوسين داخلها بسبب طول مدة حرمانهم من اللقاء بفضل القيود والعراقيل المفروضة عليهم بقرارات قضائية جائرة.

علياء الهذلول هي شقيقة الناشطة النسوية والمعتقلة السابقة البارزة لجين الهذلول والتي فرض عليها النظام حظر للسفر بعد إطلاق سراحها كان من المقرر أن ينتهي يوم 13 سبتمبر/أيلول 2023، ثم تطير لجين ووالديها للخارج للاجتماع ببقية أشقائها المشتاقين على أحر من جمر والمحرومون من العودة للبلاد بسبب الخوف من الاعتقال على خلفية نشاطهم السياسي المعارض للنظام.

جاء يوم 13 سبتمبر/أيلول، وانقضى، ولم يُرفع الحظر عن لجين ووالديها، وحسب ما قالته علياء فإن السلطات تجاهلت الاستفسارات المرسلة لسبب ذلك، وقالت ” كل جهة حكومية تحولنا على جهة أخرى لمتابعة رفع حظر السفر رغم أن قرار المحكمة واضح للغاية ولا يحتاج لعملية حسابية معقدة”، مضيفة “هل هذا يعود لبيروقراطية العمل أم لعدم احترام قرارات المحكمة أم لأن قرارات المحكمة ليست رسمية؟”.

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تعبر فيها علياء عن الواقع المأساوي المفروض على عائلتها مواجهته، كتبت على منصة X (تويتر سابقًا) قبل عامين ” أربع سنوات لم أر فيه أمي وأبي بسبب حظر السفر عليه بدون اي سبب قانوني”.

أما شقيقها وليد الهذلول فقد أرسل سابقًا رسالة إلى والده عبر “الفضاء الإليكتروني” قائلاً له أنه يشتاق إليه بشدة لأنه محروم من رؤيته منذ سنوات ولا يمكنه العودة للديار بسبب الخطر المنتظر.

عائلة الهذلول ليست الوحيدة في هذه المعاناة، يشاطرها الأحزان عائلة السدحان أيضاً، حيث عبرت أريج السدحان، شقيقة عامل الإغاثة عبد الرحمن السدحان، في أكثر من مناسبة عن افتقادها لشقيقها المعتقل عبد الرحمن السدحان منذ خمس سنوات بعد أن تم اعتقاله واخفائه قسرياً من قبل السلطات، وبسبب القيود لا تتمكن العائلة من رؤيته.

عائلة المعتقل سلمان العودة تعاني من ذات الأزمة أيضاً، المتواجدين في الداخل ممنوعون من السفر ومحرومون من زيارته، ونجله عبد الله الذي يعيش في المنفى محروم من رؤية الجميع، أشقائه الذين تحرمهم السلطات من مغادرة البلاد، ووالده الذي يتم التنكيل به على كافة المستويات داخل السجن منذ اعتقاله في حملة سبتمبر/أيلول 2017 الشرسة، التي شنتها الأجهزة الأمنية على المعارضين والنشطاء والمفكرين والأكاديميين والأدباء من كافة التيارات.

الإبعاد القسري عن الوطن، والتهديد الدائم بالاعتقال فقط لأن هناك صلة دم تربط بين إنسان وآخر معارض جريمة واضحة لكافة الأعراف والمواثيق، بل يجب أن تصنف كجريمة ضد الإنسانية كونها تحرم الإنسان من أبسط حقوقه في الحياة والتنقل بحرية والعيش في أمان.

إن ما يتعرض له المعارضون وعائلاتهم داخل وخارج المملكة خرق واضح للعهود والمواثيق الدولية التي تضمن للإنسان حق وحرية التنقل دون قيود، إذ تنص المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه لكل إنسان “الحق في حرية التنقل واختيار محل الإقامة داخل حدود الدولة أو خارجها، ولكلِّ فرد حقٌّ في مغادرة أيِّ بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده”، لكن السلطات وبلا سبب معلوم سُلب النشطاء وأهاليهم هذا الحق.

إننا نشدد على حق الجميع في التنقل بحرية داخل البلاد أو خارجها، إذ تنص المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أنه لا يجوز اشتراط أن تكون حرية الشخص في مغادرة أي إقليم في دولة ما خاضعة لأي غرض محدد أو متوقفة على المدة التي يختار الشخص أن يبقى خلالها خارج البلد، وبالتالي، فإن السفر إلى الخارج مكفول بالمادة بالإضافة إلى المغادرة بغرض الهجرة بصورة دائمة، كما أن حق الفرد في تحديد الدولة التي يقصدها يمثل جزءاً من الضمان القانوني.

كما نطالب الهيئات المعنية في الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان بالتدخل العاجل والضغط على السلطات السعودية لرفع حظر السفر عن كافة المعارضين والنشطاء وعائلاتهم، والسماح لهم بمغادرة البلاد والعودة إليها بحرية دون خوف أو ترقب.

في هذا الصدد، نناشد أصحاب الضمائر الحية في العالم التدوين على وسم ” #فكّوا_قيود_السفر” الذي أطلقته منظمات حقوقية لمساندة ضحايا هذه السياسة التعسفية من قبل النظام السعودي، كما نطالب الجميع بالتكاتف من أجل تكوين رأي عام عالمي يجبر السلطات السعودية على التراجع عن هذه القرارات وإلغاء كافة القيود المفروضة على السفر من وإلى المملكة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى