صحافة عالمية

تحقيق- انقلاب القصر: تفاصيل سيطرة محمد بن سلمان على السلطة (4)

التقرير كاملًا من المصدر باللغة الإنجليزية

يقول أنصار محمد بن سلمان إن حرص سعد الجبري على تسوية مالية هو اعتراف ضمني بذنبه، فيما يقول فريق الجبري إن عدم رغبة محمد بن سلمان في التسوية يثبت أن الفساد مجرد ذريعة لملاحقة خصم سياسي.

في غضون ذلك تستمر المعركة القانونية بين الطرفين، وفي سبتمبر/أيلول المنصرم، رفضت محكمة واشنطن دعوى الجابري ضد محمد بن سلمان، مشيرة إلى عدم الاختصاص لكن فريق الجبري استأنف على القرار وفي انتظار الرد النهائي.

في أواخر العام الماضي، أسقطت محكمة بوسطن الدعوى المرفوعة ضد الجبري بعد أن استندت الحكومة الأمريكية إلى “امتياز أسرار الدولة” لوقف الكشف عن معلومات الأمن القومي السرية، لكن هذه الأسرار لا تزال معرضة لخطر الكشف عنها في محكمة أونتاريو، إذ تُظهر إيداعات المحكمة في وقت سابق من هذا العام أن محامي الحكومة الأمريكية يعملون مع نظرائهم الكنديين لمنع حدوث هذا.

ولكن حتى إذا استمرت الدعاوى القضائية ضد الجبري، فقد يكون من الصعب إثبات مزاعم الفساد بشكل قاطع، هذا بسبب اختفاء شاهد رئيسي، الرجل الذي أشرف على الإنفاق على مكافحة الإرهاب: محمد بن نايف.

في أواخر عام 2017، خففت ظروف الإقامة الجبرية لمحمد بن نايف، لكنه كان لا يزال ممنوعًا من السفر خارج المملكة، وحسب الجبري، فإن محمد بن نايف كان يعتقد في البداية أن أسوأ ما يمكن أن يحدث له هو فقدان ألقابه الرسمية والحصول على تعويض مالي كبير في المقابل، وتوقع أن يعامل بنفس الطريقة التي يعامل بها سلفه الأمير مقرن بن عبد العزيز، رئيس المخابرات السابق الذي أقيل من منصب ولي العهد عام 2015، إذ حصل الأمير مقرن على تعويضات بقيمة 800 مليون دولار، ويخت سولاندج الفاخر، لكن في المقابل، استولت السلطات على جزء كبير من ثروة محمد بن نايف ووضعته تحت الإقامة الجبرية وجردته من أي صلاحيات.

في 10 ديسمبر/كانون الثاني 2017، أرسل محمد بن نايف خطابًا إلى بنك HSBC في جنيف يطلب فيه تحويل “أرصدة اليورو والجنيه الإسترليني والدولار الأمريكي” إلى حساب بنكي سعودي، وقال مصدر مطلع على أصول محمد بن نايف إن مصرفيه ومحاميه في جنيف تجاهلوا مثل هذه الطلبات، مشتبهين في أن الأمير كان يتصرف تحت الإكراه.

استمرت الوضع كما هو عليه حتى أواخر 2019، لكن في مارس/آذار 2020، ساءت الأمور فجأة بالنسبة لمحمد بن نايف، إذ داهمت الحكومة معتكفه الصحراوي في ضواحي الرياض، واعتقلته ونقلته إلى مكان مجهول، وحسب أحد المصادر المتواجدين في أوروبا، فإن عددًا من رجال نايف اعتقلوا أيضًا.

ظل محمد بن نايف في الحبس الانفرادي لأكثر من ستة أشهر، وقال المصدر إنه خلال تلك الفترة “تعرض لسوء المعاملة بشكل خطير”، وزعم أن بن نايف عُلِّق من كاحليه وتعرض للضرب والتعذيب، ونتيجة لذلك، يعاني الآن من ضرر طويل الأمد في أسفل ساقيه وكاحليه، مما يجعل المشي مؤلمًا “لقد فقد قدرًا كبيرًا من الوزن “.

قرب نهاية عام 2020، وفقًا لمصدر مقيم في أوروبا، نُقل بن نايف إلى مكان في مجمع قصر اليمامة في الرياض، المقر الرسمي للملك والمقر الرئيسي للحكومة السعودية، وقال المصدر إنه لا يُسمح له بالخروج من وحدته الصغيرة ويخضع للتصوير والمراقبة على مدار الساعة.

وأضاف أن ولي العهد السابق لا يسمح له بالزيارة، باستثناء بعض أفراد الأسرة في مناسبات نادرة، ولا يمكنه رؤية طبيبه الشخصي أو ممثليه القانونيين، كما أُجبر على التوقيع على مستندات دون قراءتها.

في ربيع عام 2021، تلقى المصرفيون والمحامون التابعون لنايف في أوروبا طلبات جديدة لتحويل الثروة، وقال مصدر مطلع على المناقشة إن هذه شملت مكالمة هاتفية من محم بن نايف لمحاميه في سويسرا، لكن المحامي، الذي منحه محمد بن نايف سابقًا توكيلًا رسميًا، رفض هذه الطلبات لاعتقاده أن موكله كان تحت الإكراه، وطلب منه الحضور شخصيًا إلى سويسرا من أجل تنفيذ هذه الطلبات.

وقال المصدر الذي يتخذ من أوروبا مقراً له: “السبب الرئيسي لاحتجاز محمد بن نايف هو أن ولي العهد يعتقد خطأً أنه يشكل تهديدًا للخلافة”، وأضاف: “من خلال السعي وراء مصادرة أمواله أيضًا، يحاول محمد بن سلمان إذلال محمد بن نايف”.

محمد بن نايف لا يعد الأمير الوحيد المعتقل، يوجد الكثير من الأمراء الذين يعتبرهم محمد بن سلمان خصومًا على أصعدة مختلفة رهن الاحتجاز منذ ما يقرب من ثلاث سنوات ويعاملون معاملة سيئة، ورغم الضغوطات الدولية المختلفة لإطلاق سراحهم، ترفض إدارة بن سلمان التعاطي مع هذه الطلبات.

لم يعد هناك الآن منافسون مرئيون على العرش، وأصبحت سلطة محمد بن سلمان مطلقة، ولم يعد هناك ما يمنعه من خلافة والده كملك.

الاحتجاج العالمي على مقتل خاشقجي وعلى الحرب المدمرة التي تقودها السعودية في اليمن وانتقاد القمع المتزايد في الداخل لم يؤثروا على إحكام قبضته على البلاد، وعلى الرغم من مخاطر التعامل مع شخص مستبد مثل بن سلمان، فإن المديرين التنفيذيين في وول ستريت حريصون على إبرام صفقات مع الدولة البترولية الغنية، لذلك يخشى النشطاء أن القرار الأمريكي الأخير بمنحه حصانة سيادية في قضية تتعلق بقتل خاشقجي قد يشجعه على ارتكاب مزيد من الفظائع والتنكيل بالمعارضين في الخارج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى