تقارير

رائف بدوي: تسع سنين عجاف داخل السجون السعودية

صادف يوم 17 يونيو/حزيران من هذا العام مرور تسعة أعوام كاملة على اعتقال الصحفي والمدون السعودي رائف بدوي، الذي اعتقل بصورة تعسفية عام 2012، وحكم عليه بالسجن 10 سنوات و1000 جلدة لانتقاده النظام الحاكم ومطالبته بالتغيير وفك القيود عن الحريات والسماح للشعب السعودي بالتعبير عن رأيه بكل حرية وديموقراطية.

قد يرى البعض أنه وبالرغم من طول مدة الاعتقال إلا أن قرب انتهائها قد يبعث بالأمل من جديد لأحلام بدوي المحبوسة خلف القضبان لقرابة عقد من الزمان، لكن للأسف فوجئ الجميع أن الجهات الأمنية السعودية قامت بالزج باسم بدوي في قضية أخرى ملفقة كالسابقة، حيث اتهم بـ “الإضرار بسمعة المملكة”، و”تحريض الرأي العام”، بالرغم من أنه لم يقم بانتقاد النظام الحالي ولا ولي العهد كونه معتقلاً قبل وصول الملك سلمان للحكم.

إننا في “معاً من أجل العدالة” نؤكد أن ما يتعرض له رائف بدوي وبقية معتقلي الرأي من معاملة سيئة واضطهاد واضح ومحاكمات غير عادلة هو الذي يضر بسمعة المملكة ويساهم في ترسيخ الصورة السيئة التي أصبحت مستقرة بصورة كبيرة في أذهان العالم عن النظام السعودي ومختلف أجهزته، الأمنية والقضائية والإعلامية.

ونشدد على أن التخاذل الدولي واللامبالاة التي تتعامل بهم الأنظمة العالمية مع استبداد النظام السعودي كان له الدور الأكبر في مضي السلطات في انتهاك حقوق المواطنين في الداخل والخارج، دون أي اعتبار لقوانين دولية أو معاهدات لضمانهم عدم تعرضهم لأي مساءلة من أي نوع.

في هذا الصدد، ندين وبشدة موقف الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن، الذي تعهد بأن يجعل النظام السعودي “منبوذاً” في حال لم تتحسن أوضاع حقوق الإنسان في المملكة، وبالرغم من أن وتيرة الانتهاكات تتصاعد، رفض بايدن معاقبة ولي العهد على تورطه المباشر في جريمة اغتيال خاشقجي، ما سمح بتزايد أعداد ضحاياه.

سمر بدوي شقيقة رائف تعرضت أيضاً لخذلان دولي كبيرة، بالرغم من أنها حازت على جائزة عليا من وزارة الخارجية الأمريكية عام 2012 خلال إدارة أوباما، لم تتلق أي دعم منذ ذلك الحين من الإدارة الأمريكية، بالرغم من أنهذه الجائزة كانت سبباً رئيسياً لاستهدافها من قبل السلطات السعودية.

وبالإضافة إلى رائف وسمر، هناك أيضاً وليد أبو الخير، صهر رائف، والذي يقضي عقوبة بالسجن لمدة 15 عاماً لأنه تجرأ وكان محامي رائف بدوي.

القائمة طويلة، يصعب حصرها، لكن من السهل تقليصها إذا تضافرت جهود المجتمع الدولي وتم اتخاذ تدابير جادة للضغط على المملكة للإفراج عن معتقلي الرأي.

تجدر الإشارة إلى أن تقاعس المجتمع الدولي في الرد على تصرف المملكة العربية السعودية ضد كندا بعد انتقادها لما يتعرض له رائف وشقيقته المعتقلة سمر بدوي، هو الذي مهد الطريق أولاً لمقتل خاشقجي.

في ذلك العام، عام 2018، وقبل مقتل خاشقجي بفترة قصيرة، طالبت كندا بتحسين الأوضاع الحقوقية في المملكة ودافعت عن رائف وسمر -إحدى المدافعات عن حقوق المرأة، لكن في المقابل غضب بن سلمان بشدة، وقام باتخاذ دبلوماسية ضد كندا وأصدر تهديدات علانية لها.

وعندما ناشدت كندا الحلفاء الديمقراطيين للتضامن مع موقفها، قوبلت مناشدتها بالتجاهل، لذلك فمن المؤكد أن ردود الفعل السلبية على الممارسات القمعية للمملكة قد قوبلت بالارتياح في الرياض – ومن المحتمل أن يُنظر إليها على أنها رخصة للاستمرار دون عواقب.

قضية رائف بدوي تُعد فرصة جيدة لإدارة بايدن إذا كانت حقاً تسعى لتقليص حجم انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة، فالدفاع عنه مسألة مبدأ يجب ألا تتجزأ.

إن الإفراج عن رائف بدوي -الذي سيكون متأخراً بالطبع- سيكون تطورًا يغير حياة أطفاله الثلاثة الصغار، الذين أُجبروا على الفرار إلى كندا كلاجئين والذين يكبرون بدون والدهم، سيكون الأمر كذلك بالنسبة لزوجته، إنصاف حيدر، التي تتحمل مسؤوليتهم وحدها، والمهددة بالاعتقال والملاحقة الآن بسبب القضية الجديدة التي تم الزج بزوجها فيها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى