سبع سنوات من القمع والتعذيب: د. محمد موسى الشريف خلف القضبان بسبب نشاطه الإغاثي

في مثال صارخ على حملة القمع المستمرة التي تشنها المملكة العربية السعودية على المثقفين والأكاديميين والمعارضين السلميين، لا يزال الدكتور محمد موسى الشريف، وهو عالم إسلامي معروف وداعية وطيار سابق، مسجونًا في ظروف قاسية يعاني تعذيبًا نفسيًا وجسديًا متواصلين بسبب دفاعه عن حقوق المظلومين والمضطهدين حول العالم.
اعتقل الدكتور الشريف في سبتمبر/أيلول 2017، كجزء من حملة شاملة تستهدف مئات رجال الدين والصحفيين والمثقفين، وكانت هذه الحملة الشرسة بداية مرحلة جديدة ن القمع المكثف ضد أي شخص الذين دافعوا عن الإصلاح، أو عبروا عن آراء مستقلة، أو شاركوا في العمل الإنساني.
وبعد محاكمة سرية وغير عادلة استمرت لأشهر، حُكم على الشريف في البداية من قبل المحكمة الجزائية المتخصصة بالسجن لمدة خمس سنوات، وفي يناير/كانون الثاني 2023، غلظت محكمة الاستئناف عقوبته بشكل صادم ورفعتها 13 عامًا.
وجهت المحكمة الجزائية المتخصصة في السعودية للدكتور الشريف أكثر من 20 تهمة، بما في ذلك التهمة الفضفاضة والغامضة: “زعزعة استقرار أمن المملكة”. كما اتُهم بـ “المشاركة في جهود الإغاثة داخل وخارج البلاد”، وهو نشاط إنساني يجب الاحتفاء به وليس تجريمه. تعكس هذه الاتهامات الاتجاه المقلق في المملكة العربية السعودية لاستخدام قوانين مكافحة الإرهاب لإسكات الأصوات السلمية تحت ستار الأمن الوطني.
المحاكمات السرية وتدهور الصحة
أُجريت محاكمات الدكتور الشريف في سرية تامة، دون شفافية أو إجراءات قضائية عادلة، مما حرمه من حقوقه الأساسية في الإجراءات القانونية الواجبة. وتشير التقارير من أولئك الذين رأوه خلال جلسات المحكمة إلى أن صحته تدهورت بشكل كبير، حيث ظهر ووجهه شاحبًا مرسومة عليه علامات الإرهاق والمرض، مما يثير مخاوف جدية بشأن سلامته. وقد لاحظ المراقبون أن د. الشريف يتعرض للإهمال الطبي، وهو تكتيك شائع تستخدمه السلطات السعودية للضغط على المعتقلين.
إن تجاهل صحة الدكتور الشريف عمدا، إلى جانب احتجازه التعسفي المطول، يشكل انتهاكا صارخا لقانون حقوق الإنسان الدولي. وقد أدانت الأمم المتحدة والعديد من منظمات حقوق الإنسان مرارا وتكرارا استخدام المملكة العربية السعودية للمحاكمات السرية والاحتجاز غير القانوني وحرمان سجناء الرأي من الحقوق الأساسية. ومع ذلك، تواصل المملكة تدابيرها القمعية مع القليل من المساءلة من المجتمع الدولي.
عالم جليل في العالم، مجرم في السعودية
الدكتور محمد موسى الشريف ليس مجرد معتقل؛ فهو عالم ساهم بشكل كبير في الدراسات الإسلامية والتاريخ والأدب والفكر الاجتماعي. بصفته أستاذا جامعيا ومؤلفا، كتب على نطاق واسع حول مواضيع مثل التعاليم الإسلامية وسيرة النبي والتاريخ العربي، وقد ألهمت كتبه ومحاضراته الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم العربي، مما أكسبه سمعة باعتباره صوتا معتدلا للتعليم الإسلامي والمسؤولية الاجتماعية.
وبعيداً عن المجال الأكاديمي، شارك الدكتور الشريف بنشاط في الجهود الإنسانية، وقد أظهر عمله الإغاثي، سواء داخل المملكة العربية السعودية أو خارجها، التزامه بمساعدة المحتاجين ــ وهو النشاط الذي يُستخدم الآن ظلماً كدليل ضده على ارتكابه لجرائم.
دعوة إلى الضغط الدولي
تدين منظمة “معاً من أجل العدالة” بشدة استمرار احتجاز الدكتور محمد موسى الشريف وتمديد عقوبته، وندعو الحكومة السعودية إلى إطلاق سراحه على الفور وإسقاط التهم التي لا أساس لها من الصحة الموجهة إليه. ونؤكد أن احتجازه يشكل جزءاً من نمط أوسع نطاقاً من القمع ضد المثقفين ورجال الدين والإصلاحيين في المملكة، حيث يعاقب المعارضون بالسجن، وفي كثير من الحالات بالإعدام.
لا ينبغي للمجتمع الدولي أن يظل صامتاً في مواجهة مثل هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وبدورنا نحث زعماء العالم ومنظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة على ممارسة الضغوط على المملكة العربية السعودية لإنهاء سياستها المتمثلة في الاحتجاز التعسفي، وضمان المحاكمات العادلة، وتوفير الرعاية الطبية المناسبة للمعتقلين مثل الدكتور الشريف. ولابد أن تكون حماية حقوق الإنسان الأساسية لها الأولوية على المصالح الجيوسياسية والاقتصادية.
تدعو منظمة “معًا من أجل العدالة” إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن الدكتور محمد موسى الشريف وإنهاء الاعتقال التعسفي للعلماء والنشطاء السلميين في المملكة العربية السعودية.



