
مع دخول شهر رمضان 1446، يمرّ عامٌ كاملٌ على الاختفاء القسري للشاعر السعودي الكفيف سمير علي المسلم، الذي اعتقلته السلطات السعودية خلال شهر رمضان الماضي (1445هـ – مارس/آذار 2024) من منزله في القطيف، واقتادته إلى مكان مجهول دون الإفصاح عن أي معلومات بشأن مصيره أو التهم الموجهة إليه. رغم وضعه الصحي الحرج، ومع كل المناشدات الحقوقية المتكررة، تصرّ السلطات السعودية على إبقائه في طي النسيان، متجاهلةً كل الأعراف والقوانين التي تكفل للإنسان الحد الأدنى من حقوقه، حتى في أحلك الظروف.
لم يكن اعتقال المسلم قانونيًا بأي شكلٍ من الأشكال، فقد تم اقتحام منزله بطريقة همجية، وترويع أفراد أسرته، قبل اقتياده إلى جهة غير معلومة، حيث انقطعت أخباره منذ ذلك الحين. لم يُعرض على أي جهة قضائية، ولم يُسمح له بالتواصل مع محامٍ، ولم تتلقَّ عائلته أي معلومة عنه رغم محاولاتها المتكررة للاستفسار لدى الجهات الأمنية. هذه الممارسات تمثل انتهاكًا جسيمًا للقوانين المحلية والدولية، وتؤكد أن السلطات السعودية لا تزال تستخدم سياسة الإخفاء القسري كسلاح ضد أصحاب الرأي، في ظل قضاء مسيّس يُستخدم لترهيب كل من يجرؤ على التعبير عن موقف مخالف لتوجهات السلطة.
إن استمرار إخفاء المسلم ليس مجرد انتهاك لحقه في الحرية، بل هو تهديد مباشر لسلامته الجسدية والنفسية. كونه كفيفًا يجعله أكثر عرضةً للمعاناة في ظروف الاحتجاز التي يُعرف عنها قسوتها وإهمالها الصحي المتعمد، حيث يواجه المعتقلون السياسيون أسوأ أنواع المعاملة، من الإهمال الطبي إلى التعذيب والضغوط النفسية، وحتى إجبارهم على الإدلاء باعترافات كاذبة. إن احتجاز رجل كفيف في ظروف غير معروفة، دون مراعاة لحاجاته الصحية، هو جريمة مضاعفة يجب ألا تمر بصمت.

تطالب منظمة معًا من أجل العدالة المجتمع الدولي بالتحرك العاجل للكشف عن مصير الشاعر سمير علي المسلم والإفراج عنه فورًا دون قيدٍ أو شرط. كما نحثّ الهيئات الأممية، ولا سيما مجموعة العمل المعنية بالاحتجاز التعسفي، على ممارسة ضغوط جدية على السلطات السعودية لإنهاء هذه الجريمة المستمرة. لا يمكن أن يستمر التعاون الدولي مع المملكة بينما تواصل انتهاكاتها الصارخة لحقوق الإنسان، ولا يجوز أن يمرّ عامٌ آخر بينما يبقى المسلم وسائر المعتقلين السياسيين في غياهب السجون، يدفعون ثمنًا باهظًا لمجرد تعبيرهم عن آرائهم.
وتؤكد المنظمة على أهمية ربط التعاون الدولي مع المملكة العربية السعودية بضمان إدخال إصلاحات تحسن من سجل حقوق الإنسان في البلاد، ونطالب المجتمع الدولي بمحاسبة الحكومة السعودية على انتهاكاتها وضمان تمكين المواطنين من التعبير بحرية عن آرائهم والتجمع دون خوف من الاعتقال التعسفي.
إنَّ الإفراج عن سمير علي المسلم وجميع المعتقلين بسبب الرأي هو الاختبار الحقيقي لجدية أي حديث عن الإصلاح في السعودية، وأي تجاهل لهذه القضية هو مشاركة مباشرة في التستر على جرائم لم يعد بالإمكان السكوت عنها.