شاهد على القمع: أربع سنوات على مقتل عبد الرحيم الحويطي

أربع سنوات مرت على مقتل المواطن السعودي عبد الرحيم الحويطي برصاص الشرطة السعودية خلال رفضه تنفي قرار الإخلاء القسري لمنزله لإفساح الطريق أمام مشروع نيوم، ورغم توثيق الحدث، لم يتم الانتصاف له أو محاسبة قاتليه أو حتى تقديمهم للمحاكمة.
كان ذلك في 13 أبريل/نيسان 2020، حين حاصرت قوات أمنية مسكن المواطن عبد الرحيم الحويطي، لإخراجه بالقوة من منزله ضمن سلسلة من قرارات الإخلاء التي أصدرتها الحكومة ضد أبناء قبيلة الحويطات من أجل إفساح المجال أمام “مدينة نيوم” التي من المقرر الاستيلاء على أراضي هؤلاء المواطنين لضمها للمشروع.
سجل الحويطي اللحظات التي سبقت مقتله، أكد فيها أنه معرض للخطر، كما أبدى تخوفه من أن السلطات قد تلفق له اتهامات بالإرهاب ومقاومة السلطات حال استمر رفضه ترك المنزل، الذي لم يُمنح مقابله تعويض مناسب.
ما تنبأ به الحويطي هو ما حدث بالضبط، تم قتله وادعاء مقاومته للسلطات وإصابة اثنين من أفراد الأمن -لم يُفصح عن هويتهما-، رغم أن اللقطات المصورة لمكان الحادث تؤكد عدم التزام القوات بمبدأ التناسبية في استخدام القوة والأسلحة، فإن صحت رواية السلطات، فإن الحويطي كان فرداً واحداً، لذا لم يكن من المنطق أبداً إمطاره بهذا الوابل من الرصاص الذي تم إطلاقه من قبل عشرات رجال الأمن.
على مدار أشهر حاول أبناء قبيلة الحويطات التصدي لممارسات النظام الاستبدادية ورفضوا تنفيذ قرارات الإخلاء القسرية لمنازلهم، خاصة مع عدم وجود أي تعويض مناسب، وبدلاً من البحث عن حلول، قامت السلطات بشن حملات اعتقال وترهيب في صفوف أبناء القبيلة لردعهم وترويعهم للخضوع لرغبة الحكومة.
بعد مقتل عبد الرحيم، قامت القوات باعتقال أفراد عائلة عبد الرحيم من رجال ونساء وتهديد البقية، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2020 اعتقلت الأجهزة الأمنية عبد الله دخيل الله أبوطقيقة، وشادلي أبوطقيقة وهو شقيق عبد الرحيم الحويطي، إضافة إلى السيدة حليمة الحويطي وهي زوجة المعتقل عبد الناصر أبوطقيقة، وهو شقيق آخر لعبد الرحيم كان قد اعتقل بعد مقتل عبد الرحيم بوقت قصير مع العشرات من أبناء القبيلة الآخرين.
حتى هذه اللحظة، لا يزال مصير السيدة حليمة الحويطي مجهولاً، إذ لم تُعرض على أي جهة قضائية، كما لم يُوجه إليها تهم رسمية، ما يعني أن اعتقالها الحالي لدى النظام السعودي تعسفياً من الدرجة الأولى يعرض القائمين عليه لمساءلة قانونية.
الجدير بالذكر أن المحكمة الجزائية المتخصصة في السعودية، قضت بإعدام ثلاثة أفراد من قبيلة الحويطات في أكتوبر/تشرين الأول 2022 وهم شادلي الحويطي، وعطا الله الحويطي، وإبراهيم الحويطي بسبب رفضهم قرارات الحكومة بترك منازلهم.
إننا نشدد على رفضنا الكامل لما يتعرض له أبناء قبيلة الحويطات من اضطهاد على يد النظام السعودي، ونؤكد أن هذه الممارسات عنصرية من الدرجة الأولى ومخالفة للقوانين والمواثيق الدولية، كما أنها ترقى إلى جرائم الإبادة الجماعية إذ يرغب النظام في تهجير هذه القبيلة قسرياً وإبعادها تماماً عن المكان الذي نشأ وترعرع فيه أبناؤها.
كما نؤكد أن عملية مقتل الحويطي لم تكن دفاعاً مشروعاً لأفراد الأمن عن أنفسهم، بل كانت جريمة قتل عمدي يجب محاسبة مرتكبيها لضمان الانتصاف لكافة الضحايا وتحقيق العدالة في المجتمع.
ونشير إلى أن القانون الدولي الإنساني يحظر الهجمات الأمنية العشوائية، ويفرض مبدأ التناسبية ألا تكون ما يسمى “بالخسائر العارضة” للأرواح المدنية و/أو الممتلكات المدنية مفرطة بالنسبة إلى الميزة العسكرية المتوقعة الملموسة والمباشرة، وسعياً إلى تنفيذ القيود والمحظورات المفروضة على تحديد الأهداف، يجب أن تتخذ جميع أطراف النزاع المسلح أيضا احتياطات محددة.
ونطالب الجهات الفاعلة في المجتمع الدولي، والأجهزة الأممية ذات الصلة بالتدخل العاجل لإنقاذ أبناء قبيلة الحويطات، والضغط على السلطات السعودية لإجلاء مصير المختفين قسرياً من أفراد القبيلة، والإفراج عنهم جميعاً، وفتح تحقيقات جادة في كافة الانتهاكات التي تعرضوا إليها.
كما نطالب المجتمع الدولي بضمان سلامة أبناء الحويطات واستمرار بقائهم في موطنهم وعدم تعريضهم لأي ضغوطات من أي نوع قد تساهم في مغادرتهم لأراضيهم رغماً عنهم.