
مرّ ما يزيد على 27 شهرًا منذ اختفاء الشاب السعودي محمد مطر الشلوي عقب عودته إلى بلاده في نيسان/أبريل 2023، ولا تزال السلطات ترفض الكشف عن مكانه أو وضعه القانوني. هذا الصمت الرسمي الممتدّ يرسّخ جريمة الإخفاء القسري، ويحرم الطالب من أبسط حقوقه في التواصل مع أسرته وتعيين محامٍ، وينتهك التزامات السعودية المحلية والدولية المتعلقة بحماية الحق في الحرية والأمن الشخصي.
كان الشلوي، وهو خريج قسم الجيولوجيا بجامعة “جيمس كوك” في تاونزفيل الأسترالية والمقيم هناك منذ 2019، قد سجّل مقطعًا مصوّرًا قبل مغادرته أستراليا، أكد فيه أنّ نشر الفيديو يعني اعتقاله بسبب آرائه السياسية. كما أبلغ أحد أصدقائه عن مخاوفه من التوقيف بعد اعتقال شقيقه داخل المملكة على خلفية رسائل خاصة بينهما. الفيديو نُشر بالفعل بعد اختفائه، بينما نقلت وسائل إعلام أسترالية وبريطانية قلق الأصدقاء وخشيتهم من تعرضه للاعتقال أو القتل بسبب تعبيره السلمي عن الرأي.
تجاهُل السلطات لجميع طلبات الأسرة لكشف مصيره يتعارض مع قانون الإجراءات الجزائية السعودي ذاته، ويخالف قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا (قواعد نيلسون مانديلا) ومعايير القانون الدولي الإنساني. كما أشار تقرير وزارة الخارجية الأميركية لحقوق الإنسان لعام 2023 إلى قضية الشلوي بوصفها مثالًا على الانتهاكات الجسيمة لحرية الرأي والمحاكمات العادلة في المملكة
إنّ استمرار إخفاء محمد مطر الشلوي يُشكّل جريمة مستمرة تستوجب مساءلة كل من شارك فيها أو تواطأ عليها. نطالب السلطات السعودية بالكشف الفوري عن مكان احتجازه، وضمان سلامته، وإطلاق سراحه بلا قيد أو شرط ما لم تُوجَّه إليه تهمة معترف بها ويُعرض على محكمة تتقيد بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة. كما ندعو فريق الأمم المتحدة المعني بحالات الإخفاء القسري، وآليات حقوق الإنسان الإقليمية والدولية، إلى الضغط العاجل من أجل إنهاء هذه المأساة.
نُجدِّد اليوم تسليط الضوء على قضية محمد مطر الشلوي، ونذكّر المجتمع الدولي بمسؤوليته الأخلاقية والقانونية تجاه ضحايا الإخفاء القسري في السعودية وغيرها. معًا من أجل العدالة، ومعًا حتى ينتهي هذا الظلم وينال محمد وكل مخفيٍّ قسريٍّ حقه في الحرية والكرامة.



