
تعرب منظمة “معًا من أجل العدالة” عن بالغ إدانتها واستنكارها لما يتعرض له الصحفي والمعارض السعودي عبد الرحمن الخالدي من انتهاكات خطيرة في بلغاريا، وصلت إلى حد تجاهل الأحكام القضائية النهائية غير القابلة للاستئناف، ومواصلة احتجازه في ظروف مهينة تمهيدًا لترحيله القسري إلى المملكة العربية السعودية، في انتهاك صارخ لكل القوانين الأوروبية والدولية.
في 26 مارس/آذار 2025، أصدرت المحكمة الإدارية في صوفيا قرارًا نهائيًا قضى بالإفراج الفوري عن عبد الرحمن الخالدي من مركز احتجاز بوسمانتسي، وهو القرار الثاني بعد حكم مشابه صدر في يناير 2024. إلا أن السلطات البلغارية رفضت تنفيذ الحكم القضائي للمرة الثانية، وبدلاً من إطلاق سراحه، عمدت في 28 مارس إلى استدعائه تحت ذريعة “إجراءات ترحيل”، دون إشعار قانوني، أو أمر مكتوب بلغته، وقامت بمصادرة هاتفه بالقوة، ومنعته من الاتصال بمحاميه، وأجبرته على توقيع وثيقة تحت التهديد، دون أن يُسلَّم نسخة منها حتى الآن.

تزعم السلطات البلغارية أن إجراءاتها مبنية على “مخاوف أمنية وطنية” وفقًا للمادة 67(3) من قانون اللجوء، إلا أن هذا الادعاء لا يستند إلى أي دليل، ويتناقض مع التشريعات الأوروبية التي لا تبيح الاحتجاز إلا كملاذ أخير، وبوجود مبررات واضحة، وهو ما لا يتوفر مطلقًا في هذه الحالة.
وتؤكد “معًا من أجل العدالة” أن هذه الخطوات التعسفية ليست معزولة، بل امتداد مباشر لحملة ممنهجة من الانتهاكات يتعرض لها عبد الرحمن الخالدي منذ توقيفه في بلغاريا في أكتوبر 2021. فرغم كل الأدلة والوثائق التي تؤكد أنه سيواجه خطر التعذيب، الاختفاء القسري أو حتى الإعدام في حال ترحيله، واصلت بلغاريا احتجازه دون مسوّغ قانوني، وتعاونت بشكل فاضح مع السلطات السعودية لإعادة الخالدي قسرًا.
في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2024، أصدرت المحكمة الإدارية في صوفيا قرارًا صادمًا بترحيله إلى السعودية، متجاهلة تمامًا المخاطر المؤكدة، ومتذرعة بمبررات واهية من بينها أن “السعودية لا تعاني من حروب”، وأنها “تحكم بالشريعة وتحظى بديمقراطية بلدية”! بل واستشهد القرار بإقامة انتخابات بلدية عام 2015 باعتبارها دليلًا على العدالة في المملكة!
يعاني الخالدي من تدهور صحي خطير بسبب الحرمان من الرعاية الطبية، حيث تم منعه من الحصول على أدوية تنظيم ضربات القلب وعلاج نوبات الهلع، وتعرض لضغوط نفسية شديدة وصلت إلى الهلوسات السمعية، بالإضافة إلى سوء التغذية والتهاب المسالك البولية نتيجة حرمانه من استخدام المرافق الصحية لساعات طويلة يوميًا.
ويؤكد الخالدي أن المحققين البلغاريين عرضوا عليه العلاج مقابل الخضوع لتحقيق غير قانوني دون حضور محاميه، وهو ما رفضه بشدة رغم تدهور حالته. كما أن الأمم المتحدة نفسها لم تتمكن من التدخل بسبب سيطرة جهاز الأمن القومي البلغاري على ملفه، في مشهد يكشف مدى تسييس القضية وتواطؤ المؤسسات.
قضية عبد الرحمن الخالدي ليست مجرد حالة فردية، بل هي صورة مكثفة لعلاقة أمنية مشبوهة بين النظام السعودي وبعض الدول الأوروبية، تقوم على تسليم المعارضين مقابل المصالح. وإن ترحيله اليوم يعني الحكم عليه بالموت، ويحمّل السلطات البلغارية المسؤولية الكاملة عن مصيره.
إننا في “معًا من أجل العدالة” نطالب بـ:
- وقف فوري لجميع إجراءات ترحيل عبد الرحمن الخالدي وضمان الإفراج عنه وتنفيذ الحكم القضائي الصادر بالإفراج.
- ضمان حصوله على الرعاية الطبية العاجلة والمعاملة الإنسانية التي كفلتها القوانين الدولية.
- فتح تحقيق أوروبي مستقل في سلوك السلطات البلغارية وتورطها في خرق المبادئ الأساسية لحماية اللاجئين.
- تحرك عاجل من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لمنع ارتكاب هذه الجريمة بحق ناشط سياسي يواجه انتقامًا دمويًا في بلاده.
- فرض عقوبات على المسؤولين عن هذه الانتهاكات وتقديمهم للمساءلة القانونية.
كما ندعو كافة النشطاء والمنظمات الحقوقية والإعلاميين إلى التدوين والمطالبة بوقف تسليم عبد الرحمن الخالدي عبر وسم:
#أوقفوا_ترحيل_الخالدي
ليصل صوته للعالم، قبل أن يُسلب منه إلى الأبد.
