على السلطات السعودية وقف تسليم المواطن المصري أحمد كامل لمصر

تواجه السعودية اليوم اختباراً أخلاقياً جديداً مع اعتقال المواطن المصري أحمد فتحي كمال كامل، الذي يواجه خطر الترحيل القسري إلى مصر، حيث ينتظره مصير مظلم من التعذيب والاضطهاد وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. اعتُقل أحمد فتحي في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 في جدة بناءً على طلب من السلطات المصرية، وهو الآن مهدد بالعودة إلى بلد شهدت فيه أسوأ أنواع الانتهاكات الجسدية والنفسية على يد أجهزة الأمن.
منذ مشاركته في احتجاجات الربيع العربي عامي 2011 و2014، تحول أحمد فتحي كمال كامل إلى هدف دائم للسلطات المصرية التي لا تتسامح مع أي صوت معارض. تعرض لإطلاق نار مرتين خلال المظاهرات، مما ترك شظايا الرصاص مستقرة في جسده، بالإضافة إلى آلام مستمرة تلازمه حتى اليوم. اعتقل بعد مظاهرات 2014، وتعرض للتعذيب الجسدي والنفسي، قبل أن يُفرج عنه بكفالة في ظروف غامضة.
بحثاً عن الأمان، غادر أحمد بلاده إلى السعودية عام 2014 حيث أقام هناك لعقد من الزمن، محاولاً إعادة بناء حياته بعيداً عن الملاحقات القمعية. لكن في عام 2021، حكمت محكمة مصرية عليه بالسجن المؤبد غيابياً بتهم ملفقة تتعلق بمشاركته في الاحتجاجات، مما جعله عرضة لمطاردة جديدة تجاوزت حدود مصر.
في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، تلقى أحمد استدعاءً من مركز شرطة جنوب جدة. ظن أن الأمر يتعلق بإجراءات روتينية، لكنه فوجئ في اليوم التالي بإبلاغه باعتقاله في إطار ترتيبات تسليمه إلى السلطات المصرية. منذ ذلك الحين، يعيش أحمد في حالة من الترقب والخوف، محتجزاً في ظروف غير إنسانية، بينما تُهدد حياته بمصير أشد قسوة إذا تم ترحيله.
إن ترحيل أحمد فتحي كمال كامل إلى مصر ليس مجرد إجراء قانوني، بل هو حكم بالإعدام على رجل دفع ثمن آرائه السياسية تحت التعذيب. تدعو منظمة “معاً من أجل العدالة” السلطات السعودية إلى وقف إجراءات الترحيل فوراً، وإطلاق سراح أحمد لضمان سلامته وحمايته من المعاملة اللاإنسانية التي تنتظره في مصر.
ونشدد على أن الترحيل القسري وتسليم الأفراد إلى دول قد يتعرضون فيها لخطر التعذيب أو الاضطهاد يشكل انتهاكًا صارخًا لمبدأ “عدم الإعادة القسرية” المنصوص عليه في القانون الدولي. هذا المبدأ، الذي يُعتبر حجر الزاوية في حماية حقوق الإنسان، تكرسه معاهدات دولية عدة، أبرزها اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984، التي تنص في مادتها الثالثة على أنه “لا يجوز لأي دولة طرف أن تطرد أو تعيد أو تسلم أي شخص إلى دولة أخرى إذا توفرت أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب”. كما يؤكد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على حق الأفراد في الحماية من المعاملة اللاإنسانية والمهينة، ما يجعل أي إجراء يُعرض حياة الأفراد أو كرامتهم للخطر جريمة لا تغتفر.
كما أن تسليم الأفراد إلى دول تُعرف بسجلها السيئ في انتهاكات حقوق الإنسان، كالتعذيب والاعتقال التعسفي والمحاكمات الجائرة، لا يقتصر فقط على خيانة الالتزامات القانونية الدولية، بل يعكس أيضًا تخليًا عن المسؤولية الأخلاقية والإنسانية للدول. الترحيل القسري ليس إجراءً قانونيًا، بل أداة للقمع والمشاركة في الجرائم ضد الإنسانية، ويجب أن يُقابل بإدانة قوية وتدخل فوري من المجتمع الدولي.
ندعو المجتمع الدولي، المنظمات الحقوقية، والأمم المتحدة إلى التدخل العاجل لمنع هذه الكارثة الإنسانية وضمان التزام السعودية بمبدأ “عدم الإعادة القسرية”، وهو التزام دولي يحظر تسليم أي شخص إلى دولة حيث يواجه خطر التعذيب أو الاضطهاد.
مصير أحمد ليس شأناً فردياً، بل اختبار حقيقي لالتزام السعودية بقيم العدالة وحقوق الإنسان. إن إنقاذ حياته مسؤولية تقع على عاتق كل من يستطيع التحرك لوقف هذا الظلم.