كيف تستغل السعودية قانون مكافحة الجرائم الإليكترونية لقمع الحريات؟!

ترجمة عن موقع CodaStory
في 4 يوليو/تموز 2021، نشرت السعودية نورة القحطاني تغريدة على حسابها الشخصي على تويتر (@Najma097) لدعم صديق آخر تم إغلاق حسابه على نفس الشبكة، إذ كتبت مغردة ” اخونا صهيب طار حسابه القديم …أرجو المتابعة والدعم بحسابه الجديد https://t.co/uAyHw7ViyN)، لكن يبدو أن الادعاء السعودي كان له رأي آخر حول قانونية التغريدة، وعليه تم القبض على نورة في وقت لاحق من ذلك اليوم، وبعد نحو سنة، حُكم عليها بالسجن 45 عامًا بتهمة” استخدام الانترنت لتمزيق نسيج المجتمع”.
التغريدة التي وجدتها الدولة مضرة بالأمن القومي لم تلق تفاعل من الجمهور، باستثناء تعليق واحد بعد 23 يومًا من نشرها، إذ كتبت إليها إحدى المتابعات “وانتي وين اختفيتي؟”.. كان واضحًا أن المتابعة تبد دهشتها من الاختفاء المفاجئ لهذه السيدة السعودية البسيطة.
الحكم القاسي الذي صدر ضد نورة القحطاني، وهي أم لخمسة أبناء، جاء بعد أسابيع قليلة من إصدار حكم آخر قاسي على امرأة سعودية أخرى: سلمى الشهاب، والتي حكم عليها بالسجن لمدة 34 عامًا والمنع من السفر لمدة مماثلة.
كلا المرأتين لم يستخدما سوى الأساليب السلمية للمعارضة والاحتجاج، لكن أُدينتا بموجب قوانين الدولة الصارمة لمكافحة جرائم الإنترنت ومكافحة الإرهاب.
سُنَّت هذه القوانين في عامي 2007 و2014، وجاءت هذه التشريعات مشتملة على مواد اتهام فضفاضة وغامضة، وتمكن الحكومة من اعتقال أي شخص لأي سبب تراه مناسبًا من وجهة نظرها.
وفقًا لتقديرات عام 2017، تم اعتقال ما لا يقل عن 25 ناشطًا مختلفًا في السعودية منذ عام 2011 – قضى كثير منهم عشر سنوات في السجن على الأقل- وتتيح اللغة المستخدمة في هذه القوانين للمحكمة تصنيف أي انتقاد بأنه عمل إرهابي.
على سبيل المثال، يمكن استخدام المادة 6 من قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية السعودي لتوجيه الاتهام إلى فرد بتهمة “إنتاج مواد تمس النظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، وتنتهك الخصوصية”، كل ذلك دون تعريف محدد لهذا السلوك المنحرف، أو ما هي القيم العامة التي تعرضت لانتهاك، وتم المساس بها.
المنظومة القضائية والتشريعية في السعودية بها عوار شديد، من جهة نجد قوانين مكافحة جرائم الإنترنت ومكافحة الإرهاب في البلاد تسمح باعتقال المعارضين، ومن جهة أخرى، لا تتنازل المحكمة الجزائية المتخصصة في المملكة العربية السعودية عن أن العقوبة قاسية.
تأسست المحكمة في عام 2008 لمحاكمة الأفراد المتهمين بجرائم تتعلق بالإرهاب، ومع ذلك، منذ الربيع العربي في عام 2011، أصبحت أداة لمقاضاة المواطنين على أفعال هي في الأساس احتجاج سلمي.
كشف تقرير لمنظمة العفو الدولية عن المحكمة منذ عام 2020 عن وجود فساد عميق في المنظومة القضائية السعودية التي ينتج عنها أحكام جائرة تأتي بعد محاكمات تشترك في ثلاث أشياء: عدم السماح للمتهمين بمحاماة، والاعتماد على الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب، والاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي.
في حوار خاص، قال عبد الله العودة -رئيس قسم الخليج في منظمة الديموقراطية الآن للعالم العربي-: “في عهد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، تم تعيين المدعين العامين السابقين قضاة محكمة أمن الدولة حتى في القضايا التي كانوا ينظرون فيها من قبل”.
وأضاف العودة “منذ أن أصبح محمد بن سلمان وليًا للعهد في عام 2017 استخدم قوانين الجرائم الإلكترونية ومحكمة أمن الدولة لإغلاق المجال العام تمامًا”، متابعاً القحطاني مثال صارخ على القسوة القمعية للنظام: أم لخمسة أطفال تبلغ من العمر ما يقرب من 50 عامًا تواجه الآن 45 عامًا في السجن لنشر تغريدات ناقدة من حساب مجهول على تويتر مع أقل من 600 متابع”.
وتابع “مع محمد بن سلمان، لا يوجد خط أحمر…. الآن يُقبض على الناس بسبب التزامهم الصمت وعدم دعم قرارات النظام علانية، ويُقبض على الأشخاص بسبب ما قالوه قبل عشر سنوات، ويُقبض على الأشخاص لقولهم أشياء من حسابات مجهولة”.