لم ننس الداعية المعتقل سلمان العودة… الحرية له ولكل الشرفاء معتقلي الرأي

يتزامن هذا الشهر ذكرى تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد والتي تعهد بعدها أن يقوم بإصلاحات جذرية في المملكة، وفي هذا الشهر أيضًا قرر النظام السعودي، مع الأنظمة الإماراتي والمصري والبحريني، مقاطعة قطر دبلوماسيًا وفرض حصار شامل عليها، قبل أن يتم الصلح قبل ثلاث أعوام.
الوعود الإصلاحية التي أطلقها بن سلمان بعد توليه السلطة تبين أنها وهمية، لم تركز إلا على جزء يسير من مشكلات المجتمع، تاركًا الأزمات الكبرى بلا حل، بل رافقت وعوده حملة شرسة ضد النشطاء والمفكرين والأكاديميين والدعاة، لم تتوقف إلى الآن، حتى تربعت السعودية على عرش الدول الأكثر قمعًا وتقييدًا للحريات.
وبالرغم من الصلح مع قطر، لا يزال العشرات من النشطاء والدعاة الذين طالبوا بالصلح في بداية الأزمة معتقلون، رفضت السلطات الإفراج عنهم رغم أن السبب الرئيس لاعتقالهم من المفترض أنه زال مع توقيع اتفاقية الصلح عام 2021.
أبرز هؤلاء المعتقلين، الداعية والمفكر الإصلاحي البارز سلمان العودة المعتقل منذ قرابة 7 أعوام على خلفية تغريداته على تويتر التي دعا فيها للمصالحة مع قطر وإنهاء الخلاف.
وجاء في نص التغريدة التي اعتقل العودة بسببها، والتي نشرها بتاريخ 8 سبتمبر/أيلول 2017: “ربنا لك الحمد لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك.. اللهم ألف بين قلوبهم لما فيه خير شعوبهم”. هذه التغريدة كلفت العودة سنوات من الأذى والتعذيب والضغط والحرمان من العلاج.
سلمان العودة لا يعاني فقط من ازدواجية معايير النظام السعودي الذي تصالح مع قطر ومع ذلك لا يزال يحتجزه، لكنه يعاني اضطهاد متعمد الهدف منه القضاء عليه هو شخصياً، حيث وصلت وحشية آلة القمع في المملكة أن النيابة السعودية طلبت من المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض، بإعدام سلمان العودة وعدد من معتقلي الرأي الآخرين، بتهمة “الخروج على ولاة الأمر”، طلبوا ذلك على الرغم من أن سلمان العودة من الدعاة الوسطيين المعروف عنهم اعتدالهم ونبذهم للعنف ورغبتهم الدائمة في استقرار البلاد والسعي للحصول على حياة أفضل للمواطنين.
ويواجه الداعية الإسلامي 37 تهمة بينها الإفساد في الأرض بتأليب المجتمع، في حين أنه لم يدع إلا للتغيير في الحكومة السعودية، والانضمام لاتحادات وجمعيات عالمية وتأليب الرأي العام وإثارة الفتنة.
وفي بلد بات فيه القضاء مسيسا لصالح النظام الحاكم، فإن السلطات لا زالت ترفض حضور أطراف مستقلة لإجراءات التقاضي، مع الإبقاء على العودة في الحبس الانفرادي حتى الآن.
ومع أن الحبس الانفرادي عقوبة يجب أن تحدد بزمن معين ولأسباب معينة، إلا أن النظام السعودي يتعمد ألا يضع سقف زمني لعزل العودة كوسيلة لزيادة الضغط النفسي عليه.
السلطات السعودية لم تكتف بهذه الإجراءات التعسفية والممارسات الوحشية ضد د. سلمان العودة، بل قامت باعتقال شقيقه الأصغر خالد العودة على خلفية نشره تغريدة عبر فيها عن تضامنه مع شقيقه وطالب فيها بإطلاق سراحه، في خطوة لا تمثل فقط انتهاكًا صارخًا لحقوق الحرية الشخصية والحرية في التعبير، بل تشكل أيضا نوعا من العقاب الجماعي، وهذا يتناقض بشكل صريح مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
لقد أظهرت التدابير السعودية ضد خالد وسلمان العودة وعدد آخر من الناشطين والحقوقيين إجراءات تعسفية روتينية، فقد تعتبر تقنيات الاحتجاز العشوائي من أدوات الضغط المستخدمة في غياب أي نوع من الشفافية أو المساءلة.
من جانبنا نطالب الحكومات المختلفة والمجتمع الدولي بالتدخل واتخاذ الإجراءات الازمة للمساعدة في خلق بيئة مناسبة للحوار الوطني والحرية والديمقراطية في السعودية، ونؤكد على تضامننا مع خالد وسلمان العودة وجميع الناشطين المدافعين عن حقوق الإنسان في السعودية وفي كل مكان.