“محاكم تفتيش”… هكذا وصف ناصر القرني محاكمات معتقلي الرأي في السعودية
“محاكم تفتيش وقطعة من العذاب”، هكذا وصف الناشط السعودي ناصر القرني -نجل المعتقل عوض القرني- المحاكمات التي يتعرض إليها معتقلي الرأي والسجناء المعارضين داخل السعودية، إذ وصف المحاكمات بالمسرحيات، والقضاة بـ “مسلوبي الإرادة”، مضيفًا أن ما يحدث لا يختلف أبدًا عن محاكم التفتيش الفاشية.
في مقطع مصور نشره على حسابه الرسمي على “تويتر” تحدث ناصر القرني -الذي تمكن من الفرار من المملكة قبل شهر تقريبًا- عن الأهوال التي يلاقيها المعتقلون السياسيون وذووهم أثناء جلسات المحاكمة، بدءً من النقل من السجن مرورًا برحلة العذاب وصولًا إلى القاعة وما يحدث داخلها من انتهاكات قانونية وحقوقية.
يقول ناصر القرني إن رحلة العذاب هذه تبدأ قبل موعد الجلسة بيوم أو ساعات قليلة، إذ لا يُبلغ المعتقل وعائلته بالموعد قبل هذا الوقت، ثم يتم نقل المعتقلين إلى المحكمة، مشيرًا إلى أن المعتقلين في سجن ذهبان على سبيل المثال -وهو السجن الذي يقبع به والده- يتم نقلهم إلى المطار ثم إلى سجن الحائل ومنه إلى المحكمة، وهكذا، مضيفًا أن وسيلة التنقل، وهي “الحافلة” أقل ما يُقال عنها أنها “قطعة من العذاب” بسبب شدة رداءتها وعدم مراعاة الحالة الصحية أو سن المعتقلين من قبل السائقين الذين يقودون بتهور شديد.
وأضاف ناصر أن ما يزيد من حجم المعاناة في رحلة النقل من السجن إلى المحكمة الوضع الذي يُجبر المعتقلون عليه داخل الحافلة، إذ تُكبل أيديهم وقدميهم، وأحيانًا يكونون معصوبي الأعين.
أما أهالي المعتقلين فلا تقل معاناتهم عن معاناة ذويهم السجناء، إذ تُعقد الجلسات في محاكم بعيدة عن المدينة، لا يُسمح لهم بصف سياراتهم فيها، لذلك يُجبرون على تركها في أحياء بعيدة جدًا والمشي لمسافات طويلة حتى يصلوا إلى القاعة، لتبدأ رحلة معاناة أخرى وهي التفتيش.
يوضح ناصر القرني أن الأهالي يمرون على ثلاث نقاط تفتيش إليكترونية، ثم نقطة تفتيش ذاتي، الهدف منها التأكد أن الأهالي لا يحملون أي وسيلة أو جهاز لتسجيل ونقل ما يحدث داخل قاعة المحكمة وفضح هذه الانتهاكات للعالم.
بعد ذلك ينتظر الجميع دورهم، مشيرًا أن أغلب المعتقلين هم شباب في عمر الزهور جريمتهم الوحيدة “اختلاف رأي” مع النظام. يُنادى على المعتقل وأهله ويدخلون إلى القاعة لتبدأ جلستهم التي شببها ناصر بـ “المسرحية”، إذ قال إن ما يحدث في الداخل عبارة عن “سيناريو مُعد مسبقًا”، “النيابة تطلب والقاضي يومئ رأسه بالموافقة دون نقاش… أما المعتقل فلا تُوجه إليه أي أسئلة، وفي حال سُمح له بالحديث، لا يؤخذ كلامه على محمل الجد”.
ناصر القرني هو ناشط سعودي ونجل الداعية المعتقل عوض القرني، تمكن من مغادرة السعودية في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي هربًا من بطش النظام الذي توعده بالسجن والقتل في حال لم يتوقف عن المطالبة بالإفراج عن والده وانتقاد المعاملة التي يتعرض إليها.
رحلته المحفوفة بالمخاطر بدأت بعد رفضه الانصياع للنظام والالتزام برواية الدولة حول اعتقال والده، ففُرض ضده قرار بحظر السفر، لكنه تمكن من المغادرة إلى لندن في رحلة سرية عبر الأردن، وفي بداية الشهر الجاري أعلن ناصر عن نجاح رحلته وتقدمه بطلب لجوء في المملكة المتحدة بسبب الخطورة التي تهدد حياته من قبل النظام السعودي.