ناصر القرني: في عهد ابن سلمان لا يمكنك التحدث بحرية حول أي موضوع أو التعبير عن أي رأي
ترجمة عن صحيفة Byline Times
أجرت صحيفة “باي لاين تايمز” حوارًا صحفيًا مع الناشط السعودي ناصر القرني نجل الداعية المعتقل عوض القرني المهدد بالإعدام كجزء من حملة قمع ضد حقوق الإنسان في مملكة غارقة في حملات مكثفة لقمع الحريات وإخراس المعارضة.
جمال خاشقجي، صحفي الواشنطن بوست الذي قُتل داخل القنصلية السعودية في اسطنبول عام 2018، وصف ذات مرة الداعية السعودي البارز والشعبي عوض القرني بأنه “أجمل مثال على التحول الشخصي”، واصفًا انتقاله من الفكر المتشدد إلى الفكر المعتدل والوسطي في دعوته للإسلام.
رغم “وسطية” القرني، اعتقل ضمن الحملة الشرسة التي شنها ولي العهد السعودي ونظامه ضد المفكرين والدعاة قبل أكثر من خمسة أعوام في سبتمبر/أيلول 2017، ويقبع اليوم خلف القضبان ينتظر الإعدام بعد اتهامه بارتكاب عدد كبير من التهم الزائفة.
في خطوة مع ما يسمى بـ “الإصلاحات” الدينية لولي العهد السعودي، طالب المدعي العام السعودي القضاء بإصدار حكمًا بالإعدام على عوض القرني وعدد من رجال الدين المشهورين مثل علي العمري وسلمان عودة – على الرغم من الإشادة بالثلاثة في الأوساط المختلفة باعتناقهم “آراء تقدمية” ومعارضة “التطرف”.
الدعاة الثلاثة هم ضحايا بارزون لحملة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على المعارضة، والتي اعتبرت الزعماء الدينيين المشهورين مع عدد كبير من المتابعين أعداء فعليين للدولة، فقط لأنهم انتقدوا بعض سياسات نظام ولي العهد.
قبل عدة سنوات، سعى الأمير إلى استشارة عوض القرني، واليوم، ينتظر الواعظ البالغ من العمر 62 عامًا حبل الجلاد بسبب دعوته العلنية للنظام للإفراج عن السجناء السياسيين الأبرياء – وهو مطلب لا يمكن اعتباره تهديدًا من أي نوع، إلا إذا كان محمد بن سلمان ينظر إلى كل تغريدة ومنشور ونص على أنها تهديد وجودي لحكمه.
قبل أشهر قليلة، فر ناصر بن عوض القرني، وهو شاب يبلغ من العمر 24 عامًا، من المملكة العربية السعودية بحثًا عن “مكان آمن” يسمح له بشن حملة بحرية من أجل والده المسجون.
في حواره مع Byline Times ، قال إنه “تحت حكم محمد بن سلمان لا يمكنك التحدث بحرية حول أي موضوع أو التعبير عن أي رأي خوفًا من استخدام كلماتك ضدك في وقت لاحق”.
وتابع “هناك خياران فقط في المملكة العربية السعودية اليوم: الصمت أو السجن، ولكن في بعض الأحيان يمكن أن تُعاقب على الصمت إذا كان يُنظر إلى الصمت على أنه انتقاد صامت للحكومة… يمكنك حتى أن تعاقب على رأي أعربت عنه منذ سنوات، حتى لو كانت الحكومة لديها نفس الرأي بالضبط في ذلك الوقت”.
وأوضح “على سبيل المثال، عندما قاطع النظام السعودي قطر، كان سفرك إلى قطر قبل المقاطعة يُعد تهمة تحاسب عليها بأثر رجعي”.
وحسب ما بين ناصر القرني، فإن أوضاع حقوق الإنسان في السعودية تدهورت بشكل كبير بسبب “رفض المجتمع الدولي اتخاذ أي إجراء ضد محمد بن سلمان لدوره في اغتيال الصحفي جمال خاشقجي”.
أقل ما يقال عن التهم الموجهة إلى والد ناصر القرني إنها شائنة ومثيرة للسخرية، إذ وُجهت إليه تهم متعددة، بما في ذلك “التعاطف” مع السجناء السياسيين و “التشهير” بالحكومة وسياساتها.
فيما يتعلق بوضعه القانوني، قالت جماعات حقوق الإنسان إن اعتقال عوض القرني ومحاكمته لم يراعى فيها معايير المحاكمة العادلة – بما في ذلك عدم إبلاغ عوض القرني على الفور بالتهم الموجهة إليه، ومحدودية الوصول إلى محامٍ، وفترة احتجاز مطولة قبل المحاكمة، وفرض السرية على جلسات الاستماع والمحاكمة.
وقال ناصر: “محمد بن سلمان يخشى والدي لأن لديه عددًا كبيرًا من المتابعين ولن يسكت عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الحكومة، وسيواصل المطالبة بالحقوق والإصلاحات”. “الأدلة” المزعومة التي استخدمت ضده كانت مقابلاته الإعلامية وكتاباته على وسائل التواصل الاجتماعي “.
وفقًا لمنظمة سند لحقوق الإنسان ومقرها المملكة المتحدة، شهد عهد محمد بن سلمان زيادة حادة في الاعتقالات التعسفية، إذ احتجز أكثر من 240 باحثًا وناشطًا وصحفيًا حتى الآن داخل السجون السعودية منذ وصول الأمير إلى السلطة قبل خمس سنوات.
قال عدنان التويتي، السكرتير التنفيذي لسند في المملكة المتحدة: “سجل حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية كان سيئًا منذ عقود، ومع ذلك، فإن عام 2017 يمثل بداية سنوات أسوأ حقبة من القمع والانتهاكات الشديدة ضد المئات من الإصلاحيين والنشطاء والإعلاميين والشخصيات العامة… شن النظام الاستبدادي السعودي حملات مسعورة من الاعتقالات التعسفية والمداهمات الأمنية البشعة ضد العديد من الشرفاء من المواطنين في محاولة لإسكات أصواتهم والحد من تأثيرهم الإيجابي على المجتمع “.
في حين أن ناصر ليس لديه أي أخبار عن وضع والده وحالته الجسدية والنفسية، إلا أنه قال إن الوضع “سيء للغاية”، كما سلطت جماعات حقوق الإنسان المختلفة الضوء على “الظروف غير الإنسانية ” التي يُزعم أن المعتقلين السياسيين السعوديين يحتجزون فيها، بخاصة وأن بعض المعتقلين السابقين تحدثوا عن تعرضهم للتعذيب والحبس الانفرادي والحرمان من التمثيل القانوني وأشكال أخرى من الانتهاكات.
من جانبه، أدان ناصر القرني بشدة المنظمات والشخصيات الرياضية الدولية، بسبب مساعدتهم الحكومة السعودية على تلميع صورتها والتغطية على انتهاكاتها لحقوق الإنسان عبر ما يُسمى بـ “الغسيل الرياضي”، خاصة جولة LIV للغولف الاحترافية بقيادة جريج نورمان، ونادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم في الدوري الإنجليزي الممتاز.
وقال ناصر: “لا أعرف لماذا هم سعداء بهذه الانتهاكات لحقوق الإنسان التي تُرتكب على يد النظام السعودي… لماذا يوجد تجاهل تام لانتهاكات المملكة؟!…. إنه أمر مخز ولا يغتفر، وسيظل وصمة عار على كل من حاول تلميع صورة محمد بن سلمان من خلال الرياضة أو الفنون أو وسائل الإعلام”.
وأضاف ناصر: “أبي مذنب فقط لأنه طالب بحقوق الإنسان والإصلاحات… هذه هي الحقيقة، مطالبه المشروعة ونفوذه العام الكبير وشعبيته العارمة هي ما تخيف الحكومة السعودية “.
في غضون خمس سنوات فقط ملطخة بالدماء، أثبت محمد بن سلمان أنه مستعد وقادر على سجن وقتل أي شخص يقف في طريقه بقوة منقطعة النظير.