نظام الكفالة: العمال المهاجرون يواجهون أبشع ظروف العمل في سلسلة كارفور السعودية

ألقى تقرير حديث صادر عن منظمة العفو الدولية الضوء على الظروف القاسية التي يواجهها ويعاني منها العمال المهاجرون العاملون في سلسلة كارفور السعودية، والتي تديرها شركة ماجد الفطيم، حيث خلصت نتائج التقرير، التي استندت إلى مقابلات مع عمال من نيبال والهند وباكستان، عن نمط مقلق من الاستغلال، بما في ذلك نقص الأجور، وساعات العمل المفرطة، وظروف المعيشة المهينة. وعلى الرغم من ادعاءات المملكة العربية السعودية بتحديث قوانين العمل الخاصة بها، فإن معاملة هؤلاء العمال تسلط الضوء على الانتهاكات المستمرة التي يتيحها نظام الكفالة سيئ السمعة في المملكة.
الاستغلال في ظل نظام الكفالة: أرض خصبة للعمل القسري
إن استغلال العمال المهاجرين في المملكة العربية السعودية ليس قضية جديدة، ومع ذلك، فإن حجم الانتهاكات الموثقة في تقرير منظمة العفو الدولية يثير مخاوف جدية حول مدى التزام الشركات المتعددة الجنسيات مثل كارفور وشركائها بحماية حقوق الإنسان الأساسية. وأفاد العمال الذين يعملون من خلال شركات توريد العمالة في فرع كارفور في السعودية أنهم أُجبروا على العمل لمدة تصل إلى 60 ساعة في الأسبوع، وغالبًا دون تعويض مناسب عن العمل الإضافي، وتعرضوا للترهيب والتهديد بالفصل إذا رفضوا الامتثال للمطالب المفرطة.
هذه الظروف في حد ذاتها تُشكل انتهاكًا لقانون العمل السعودي، ومع ذلك فهي مستمرة في بيئة حيث لا سيادة للقانون فيها، ولا يملك العمال سوى القليل من الموارد للحصول على حقوقه.
إن الاعتماد على نظام الكفالة يؤدي إلى تفاقم هذه الانتهاكات، حيث يرتبط العمال المهاجرون بأصحاب عملهم، مما يجعل من المستحيل تقريبًا عليهم ترك الظروف المسيئة دون المخاطرة بالترحيل أو البطالة. وقد تحمل العديد من هؤلاء العمال ديونًا كبيرة، ودفعوا رسوم توظيف باهظة لتأمين وظائف في المملكة العربية السعودية، فقط ليجدوا أنفسهم محاصرين في بيئات عمل استغلالية، لا تختلف كثيرًا عن بيئات العمل القسري.
كارفور وماجد الفطيم: تجاهل واضح!
على الرغم من الإيرادات الكبيرة التي تتميز بها سلسلة كارفور السعودية، فشلت الشركة حتى الآن في اتخاذ إجراءات ذات مغزى لمعالجة الإساءة المنهجية للعمال داخل امتيازها، وقد أكد ذلك البيان الأخير لكارفور، الذي زعم أنه أطلق تحقيقًا داخليًا وتعاقد مع مدققين من جهات خارجية، لكن في الحقيقة كان أجوفًا دون التأكيد على اتخاذ خطوات ملموسة نحو المساءلة والإصلاح. وفي حين وعدت شركة ماجد الفطيم بمراجعة ظروف السكن وتحسين الرقابة على ظروف العمل، فإن هذه الوعود طال انتظارها، والافتقار إلى التدخل المسبق يثير تساؤلات خطيرة حول التزام الشركة بحقوق الإنسان.
من الأهمية بمكان أن نلاحظ أن هذه ليست حالة معزولة، فقد تم الإبلاغ عن انتهاكات مماثلة في قطاعات أخرى في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية، حيث يظل العمال المهاجرون عرضة للاستغلال على الرغم من إصلاحات العمل المفترضة. وحقيقة أن سلسلة كارفور تواصل الاستفادة من هذه الظروف، دون معالجة الأسباب الجذرية للإساءة بشكل كاف، تشير إلى فشل المسؤولية المؤسسية.
الحاجة الملحة للمساءلة والإصلاح
تدين منظمة “معا من أجل العدالة” بشدة استغلال العمال المهاجرين في مواقع كارفور في المملكة العربية السعودية. وندعو إدارة كارفور وشركة ماجد الفطيم إلى اتخاذ إجراءات فورية وشفافة لتعويض العمال المتضررين من هذه الانتهاكات وضمان عدم استمرار الانتهاكات المماثلة، ونؤكد أن هذه الإجراءات يجب أن يشمل ذلك إلغاء رسوم التوظيف، وتطبيق ساعات عمل عادلة، وتوفير السكن الآمن والمناسب.
علاوة على ذلك، نحث السلطات السعودية على معالجة الظروف التي تسمح باستمرار هذه الانتهاكات، وفي حين قدمت الحكومة بعض إصلاحات العمل، فإن الواقع على الأرض يظهر أن هذه الإصلاحات لم تدخل حيز التنفيذ بعد، حيث يستمر العمال المهاجرون في مواجهة سرقة الأجور وظروف العمل الخطيرة والتهديد المستمر بالتعرض للعقوبة بسبب التحدث علنًَا.
نداء إلى المجتمع الدولي
مع تحول الاهتمام العالمي إلى الشراكات الاقتصادية المتنامية للمملكة العربية السعودية، فمن الضروري أن يحمل المجتمع الدولي الشركات مثل كارفور المسؤولية عن معاملة العمال في سلاسل التوريد الخاصة بها. ويجب ألا يُسمح للشركات المتعددة الجنسيات بالاختباء وراء اتفاقيات الامتياز أو ممارسات العمل المحلية لتبرير استغلال العمال الضعفاء. ويجب على المستثمرين والمستهلكين والحكومات على حد سواء أن يطالبوا كارفور وماجد الفطيم وغيرهما من الشركات العاملة في المملكة العربية السعودية بالامتثال لمعايير العمل الدولية واتخاذ خطوات فورية لتصحيح الانتهاكات التي تحدث تحت أنظارهم.



