هلال القرشي يواجه الموت البطيء في السجن بعد فقدان البصر وتدهور حالته الصحية

هلال حسين القرشي، الاقتصادي والإصلاحي السعودي، يقبع في السجن منذ أبريل/نيسان 2020 بعد اعتقاله ضمن حملة أمنية قمعية شنتها السلطات السعودية واستهدفت الناشطين والمثقفين والإصلاحيين. التهم التي وُجهت إليه وصدرت بسببها ضده أحكامًا قاسية بالسجن لمدة عشرين عامًا، تتعلق بأمور عادية لا يمكن أن تصنف بأي حال من الأحوال كجرائم فضلًا عن أن يعاقب عليها قانون الإرهاب، مثل السفر إلى تركيا وقطر، وهما دولتان تربطهما بالمملكة علاقات ودية، أو الزواج بأجنبية دون تصريح، أو الاحتفاظ بمقاطع فيديو وصور وصفت بأنها “محظورة”. ورغم عدم وجود أي دلائل قانونية على تشكيله خطرًا على الأمن أو المجتمع، فإن السلطات السعودية استغلت القضاء لتصفية حساباتها مع شخصية إصلاحية لم يكن ذنبها سوى تقديم مبادرات تنموية تخدم رؤية 2030 المزعومة.
بعد اعتقاله، أودع هلال القرشي في سجن الحائر بالرياض، حيث عانى وما زال يعاني من ظروف احتجاز غير إنسانية أدت إلى تدهور حالته الصحية بشكل خطير، وقد كشفت تقارير حقوقية أنه فقد البصر بشكل كامل في عينه اليمنى، بينما تراجع الإبصار في عينه اليسرى إلى النصف بسبب الإهمال الطبي المتعمد، بالإضافة إلى ذلك، أُصيب القرشي بمرض السكري وارتفاع ضغط الدم المزمن، وهي أمراض تفاقمت بسبب سوء التغذية وغياب الرعاية الطبية المناسبة داخل السجن.
رغم المناشدات المتكررة من عائلته لنقله إلى مستشفى متخصص لتلقي العلاج اللازم، تصر السلطات السعودية على إبقائه في زنزانة تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الإنسانية، وتمنع عنه أي رعاية طبية مناسبة أو حتى السماح لعائلته بتوفير العلاج له على نفقتها الخاصة.
هلال القرشي ليس من أصحاب السوابق الجنائية أو الشخصيات التي تسعى لتقويض النظام الاجتماعي أو الأمني، بل على العكس، كان رائدًا لمبادرات اقتصادية وتنموية تصب في مصلحة الدولة والمجتمع. إحدى أبرز مبادراته كانت تأسيس منصة “البنك الثالث”، وهي منصة غير ربحية تهدف إلى تمكين القطاع غير الربحي ليكون شريكًا فاعلًا في تحقيق رؤية السعودية 2030. ورغم أن هذه المبادرة كانت تتماشى تمامًا مع سياسات الدولة المعلنة، إلا أن السلطات تعاملت معها كتهديد، في سياق يبرز تعنت النظام الحاكم تجاه أي مبادرة أو جهد إصلاحي لا ينبثق مباشرة من السلطة العليا.
إن استمرار اعتقال هلال القرشي والإمعان في معاقبته بتهم غير منطقية يعكس أزمة عميقة في النظام القضائي والسياسي بالمملكة، حيث تُستخدم المحاكم كأداة لتصفية الحسابات السياسية، وتُوظف التهم الجاهزة لقمع أي صوت إصلاحي أو معارض. القرشي الآن يواجه الموت البطيء داخل السجن بسبب تدهور حالته الصحية، وهو أمر تتحمل السلطات السعودية مسؤوليته الكاملة. استمرار هذا الوضع الكارثي لا يشكل فقط انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، بل يسلط الضوء على طبيعة السياسات القمعية التي ينتهجها النظام السعودي ضد مواطنيه.
إننا في منظمة “معاً من أجل العدالة” نُجدد الدعوة للإفراج الفوري وغير المشروط عن هلال القرشي وجميع معتقلي الرأي في السعودية، وندعو المجتمع الدولي للتحرك العاجل لوضع حد لهذه الانتهاكات الممنهجة. كما نطالب الجهات الأممية ذات الصلة بتشكيل لجان تحقيق مستقلة للتفتيش على أوضاع السجون السعودية، وضمان حصول جميع المعتقلين على حقوقهم الأساسية بما فيها الرعاية الصحية.
إن استمرار الصمت الدولي إزاء هذه الجرائم لن يؤدي إلا إلى تشجيع السلطات السعودية على المضي قدمًا في انتهاك الحقوق والحريات دون رادع. نؤكد أن معاقبة الأصوات الإصلاحية والمطالبة بالحقوق لن تؤدي إلا إلى تفاقم الأزمات التي تعصف بالمملكة، في وقت هي في أمس الحاجة إلى جهود أبنائها للنهوض بها نحو مستقبل أفضل.