
في حوار صحفي لجريج نورمان مع شبكة Sky news sports حاول بطل الجولف السابق التقليل من فظاعة حادثة اغتيال جمال خاشقجي قبل عامين ونصف بوصفها بمجرد “خطأ” يجب أن يتم تجاوزه والسماح للحكومة السعودية بالمضي قدماً خاصة وأنها تريد ذلك.
حوار نورمان، الذي لا يمكن وصفه إلا بأنه مستفز لمشاعر كل إنسان ذو ضمير حي، جاء على هامش التحضير لبطولة الجولف العالمية LIV Golf Invitational، والتي يرعاها النظام السعودية من خلال صندوق الاستثمارات السيادي الذي يمول بشكل مباشر شركة LIV Golf Investments التي يعد نومان الرئيس التنفيذي لها.
بالرغم من أن نورمان حاول نفي وجود صلات مباشرة بينه وبين النظام السعودي أو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأكد على استقلاليته واستقلالية شركته، إلا أن تصريحاته كانت تحمل معان ضمنية كثيرة تؤكد أن السلطات السعودية نجحت في تجنيده من أجل تسحين صورته التي شوهتها انتهاكات حقوق الإنسان البشعة الذي ارتكبها مسؤولين كبار في النظام.
لم ينكر نورمان تلقيه أموالاً من النظام السعودي، لكنه شدد قال إنها لأجل الرياضة وحسب، مشدداً على أن النظام السعودي أخطأ فيما يتعلق بقضية خاشقجي، لكن “الجميع يرتكب أخطاء… والحكومة السعودية تريد المضي قدماً”، كما رفض التحدث عن عمليات الإعدام الجماعي التي لا تزال المملكة تنفذها رغم كافة الانتقادات الدولية، معللاً رفضه بأنه “يجب عدم النظر للوراء، وأنه غير مخول أو مختص للحديث حول هذه الأمور”.
كما شدد نورمان على أن النظام السعودي يمتلك وجهاً آخراً جيداً يقوم بعمل إصلاحات مجتمعية تتعلق بالثقافة وغيرها من مجالات الحياة الأخرى التي يجب عدم إنكارها.
في الواقع، المضي قدماً وعدم الالتفات للوراء أمر ضروري لاستمرار الحياة والتقدم، لكن التغافل عن قتل المواطنين والتمثيل بأجسادهم هو رقص فوق الجثث، والسماح بإتمام المشاريع التنموية الضخمة دون محاسبة المجرمين هو بناء حضارة فوق أشلاء الأبرياء.
أبجديات الإنسانية تحتم على الجميع الانتصاف للضحايا أولاً، ومحاسبة كل مسؤول عن جريمة أو انتهاك ارتكبوا ضد أي مواطن، بعدها يمكن أن يتم الاحتفاء بالإنجازات والمشاريع والفعاليات العالمية، فما قيمة وجود وطن متقدم دون مواطنين ينعمون فيه بالحرية والديموقراطية، ويعيشون فيه بكرامة وأمن وسلام!
إن تصريحات نورمان مرفوضة بشكل تام، وتؤكد أن النظام السعودي مستمر في سياسة الغسيل الرياضي بكل شراسة، وأنه مستعد على دفع المليارات للتغطية على جرائمه بدلاً من إصلاح الملف الحقوقي وتحسين أوضاع المواطنين.
ومع استمرار التعامل مع أشخاص بعقلية نورمان فإن الأمل في الانتصاف للضحايا في ظل النظام الحالي يتضاءل.
على المجتمع الدولي التصدي لكافة محاولات النظام السعودي زيادة نفوذه ومحاولاته المستمرة تغيير سمعة الدولة التي تقوم أركانها على القمع والاستبداد، كما يجب على المسؤولين حول العالم إعلاء قيمة الإنسان وحقوقه على المصالح التجارية والاقتصادية، ووقف التعاون مع هذا النظام حتى يضمن تحسين الملف الحقوقي.