واشنطن بوست: على المجتمع الدولي التحرك لإنقاذ رائف بدوي فوراً
على الرغم من إصدار إدارة بايدن لتقرير استخباراتي أكد وجود صلة مباشرة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان بجريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي وتقطيع أوصاله، لا زالت السلطات السعودية مستمرة في تكثيف اضطهادها للسجناء السياسيين في بيئة تتسم بضمان الجناة إفلاتهم من العقاب.
من بين هؤلاء السجناء، الصحفي والمدون رائف بدوي، المعتقل منذ عام 2012 بصورة تعسفية، وحكم عليه بالسجن 10 سنوات و1000 جلدة. فوجئ الجميع، أنه ومع اقتراب انتهاء مدة سجن بدوي، قامت الجهات الأمنية بالزج به في قضية أخرى ملفقة كالسابقة، حيث اتهم بـ “الإضرار بسمعة المملكة”، و”تحريض الرأي العام”، بالرغم من أنه لم يقم بانتقاد النظام الحالي ولا ولي العهد، بل تم اعتقاله في عهد النظام السابق.
في الواقع، إن ما يتعرض له رائف بدوي وغيره من المعتقلين السياسيين من معاملة سيئة واضطهاد واضح ومحاكمات غير عادلة هو الذي يضر بسمعة المملكة ويساهم في ترسيخ الصورة السيئة التي بدأت في الاستقرار في أذهان العالم عن النظام السعودي وأجهزته، بل إن المحاكمة غير العادلة لرموز ثقافية ومجتمعية، رغم تاريخهم المشرف، هو الأمر الذي يجلب العار، وليس العكس.
إذا كانت إدارة بايدن تسعى حقاً لتقليص حجم انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة، فإن قضية بدوي تمثل فرصة حقيقية لتمكين الولايات المتحدة من تحقيق هدفها، فالدفاع عنه مسألة مبدأ، يجب ألا يتجزأ.
من ناحية أخرى، فإن استمرار اللامبالاة أو التساهل في المعاملة الوحشية التي تلقاها بدوي قد يكون له تأثير سلبي مضاعف، خاصة وأنه كان حافزاً كبيراً للسلطات السعودية لارتكاب مزيد من الانتهاكات.
على سبيل المثال، تقاعس المجتمع الدولي في الرد على تصرف المملكة العربية السعودية ضد كندا بعد انتقادها لما يتعرض له رائف وشقيقته المعتقلة سمر بدوي، هو الذي مهد الطريق أولاً لمقتل خاشقجي.
في ذلك العام، عام 2018، وقبل مقتل خاشقجي بفترة قصيرة، طالبت كندا بتحسين الأوضاع الحقوقية في المملكة ودافعت عن رائف وسمر -إحدى المدافعات عن حقوق المرأة، لكن في المقابل غضب بن سلمان بشدة، وقام باتخاذ دبلوماسية ضد كندا وأصدر تهديدات علانية لها.
وعندما ناشدت كندا الحلفاء الديمقراطيين للتضامن مع موقفها، قوبلت مناشدتها بالتجاهل، لذلك فمن المؤكد أن ردود الفعل السلبية على الممارسات القمعية للمملكة قد قوبلت بالارتياح في الرياض – ومن المحتمل أن يُنظر إليها على أنها رخصة للاستمرار دون عواقب.
في حين أن الصمت يمكن أن يكون قاتلاً، فإن الضغط العام المتضافر يساعد في تأمين الحرية للسجناء السياسيين، كما رأينا مع الإفراج الأخير عن الناشطة في مجال حقوق المرأة لجين الهذلول، كما تزرع التدخلات العامة الأمل في قلوب أولئك المليئين باليأس من حدوث أي انفراجة تحررهم من أقبية المملكة المحصنة.
سمر بدوي شقيقة رائف تعرضت أيضاً لخذلان دولي كبيرة، بالرغم من أنها حازت على جائزة عليا من وزارة الخارجية الأمريكية عام 2012 خلال إدارة أوباما، لم تتلق أي دعم منذ ذلك الحين من الإدارة الأمريكية، بالرغم من أنهذه الجائزة كانت سبباً رئيسياً لاستهدافها من قبل السلطات السعودية.
وبالإضافة إلى رائف وسمر، هناك أيضاً وليد أبو الخير، صهر رائف، والذي يقضي عقوبة بالسجن لمدة 15 عاماً لأنه تجرأ وكان محامي رائف بدوي.
القائمة طويلة، يصعب حصرها، لكن من السهل تقليصها إذا تضافرت جهود المجتمع الدولي وتم اتخاذ تدابير جادة للضغط على المملكة للإفراج عن معتقلي الرأي.
إن الإفراج عن رائف بدوي -الذي سيكون متأخراً بالطبع- سيكون تطورًا يغير حياة أطفاله الثلاثة الصغار، الذين أُجبروا على الفرار إلى كندا كلاجئين والذين يكبرون بدون والدهم، سيكون الأمر كذلك بالنسبة لزوجته، إنصاف حيدر، التي تتحمل مسؤوليتهم وحدها، والمهددة بالاعتقال والملاحقة الآن بسبب القضية الجديدة التي تم الزج بزوجها فيها.
اقرأ أيضًا: السلطات السعودية ترفض خروج الصويان لتشييع والدته