يانصيب الحج: كيف أدى قرار سعودي مفاجئ إلى “تدمير آمال” مسلمي المملكة المتحدة

ترجمة تقرير عن موقع ميدل إيست آي
بعد توقف دام لمدة عامين، مُنح منظمو رحلات الحج أخيراً الضوء الأخضر لفتح باب الحجز الذي طال انتظاره للمسلمين في جميع أنحاء المملكة المتحدة.
قبل أسبوعين بالضبط، كان كل شيء طبيعياً بالنسبة للمسلمين البريطانيين الذين يستعدون لزيارة المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج، حيث كانت الاستعدادات لموسم الحج – الذي يقام في الفترة من 7 إلى 12 يوليو من هذا العام – تسير بسلاسة، ولكن كل شيء تغير فجأة بعد قرارات سعودية جديدة، لا يراها الحجاج سوى أنها تعسفية.
قال حبيب الرحمن، منظم رحلات الحج ومقره لندن، لموقع “ميدل إيست آي” منذ حوالي أسبوعين فقط كانت آمالنا في الذهاب للحج شبه أكيدة، “لكن القرار السعودي المفاجئ بطرق التقديم على الحج كان صادماً”.
قبل الوباء، تم تخصيص حوالي 25000 مسلم من المملكة المتحدة لأداء فريضة الحج كل عام، ولكن بعد أن أعلنت المملكة العربية السعودية أن الحج سيتم تقليصه في عام 2022 – مع تخفيض الأعداد إلى مليون حاج في جميع أنحاء العالم بدلاً من إجمالي ما قبل الوباء البالغ 2.5 مليون – تم تخفيض حصة بريطانيا بنحو نصف الرقم المتوقع إلى 12348.
من بين الأشخاص الذين كانوا يأملون في السفر للحج، كانت بشرى- وهي محاضرة جامعية تبلغ من العمر 31 عامًا من برادفورد- التي بدأت بالفعل البحث عن عروض مناسبة للحج، ووجدت شركة سياحية يقودها أئمة بريطانيون شعرت أنهم يتماشون مع أيديولوجيتها وتوقعاتها.
قالت بشرى لموقع “ميدل إيست آي”: “بعد أن أعطت وزارة الحج الضوء الأخضر والترخيص لوكلاء السفر، دفعت 10000 جنيه إسترليني لتأكيد مكاني”.
تستوعب مجموعة الرحمن السياحية الكبرى 120 حاجاً، لكن تم تخصيص 58 هذا العام – جميعهم دفعوا قيمة الرحلة، وطلبوا إجازة من العمل وحضروا الندوات التحضيرية للموسم الديني.
ولكن بعد ذلك جاء بيان مفاجئ آخر الأسبوع الماضي، حيث أعلنت المملكة العربية السعودية أن الحجاج من أوروبا وأستراليا والأميركتين يتعين عليهم التقديم من خلال يانصيب عشوائي على موقع المطوف المدعوم من الحكومة السعودية، أي أن الذين حجزوا من خلال المجموعات السياحية لأداء فريضة الحج هذا العام لن يتم قبولهم.
تسبب هذا القرار في موجات من الغضب العارمة لدى المسلمين البريطانيين، الذين اتبعوا الطرق التقليدية للحجز، وبدأوا في الاستعدادات لهذا الموسم منذ أشهر طويلة، قال حبيب الرحمن “هكذا تغير كل شيء”.
غضب من السلطات السعودية
طلبت السلطات السعودية أولئك الذين حجزوا مقاعدهم من خلال مجموعات رحلات الحج لطلب استرداد الأموال على الفور، والاشتراك في اليانصيب.
تقول بشرى: “كان شعوري الشديد هو الغضب من الحكومة السعودية لتغييرها الأمور في اللحظة الأخيرة”.، مضيفة “إنهم يشعرون أن لديهم كل الحق في التحكم بالحجاج، بل في الحج نفسه”.
هذا القرار لا يدمر فقط آمال الحجاج المسلمين، لكنه يضر بالشركات السياحية التي تصمم باقاتها للحجاج وفقاً لاحتياجات العملاء، وهي شركات موجودة منذ عقود، ولا أحد يعلم مصيرها الآن.
على سبيل المثال، شركة “الكبير” تخصص رحلاتها في الغالب للحجاج البريطانيين البنغاليين، حيث يتم استضافتهم من قبل موظفين يتحدثون البنغالية وأئمة ويقدمون الطعام البنغلاديشي.
في حين أن موقع “مطوف” قدم بعض المعلومات حول التكلفة ومسارات الباقات المختلفة، فإن العديد من التفاصيل – مثل عدد الأشخاص في كل مجموعة من مجموعاتها، وكيف سيتم تحديد المجموعات – تظل غير مفسرة.
قالت بشرى إنها لم تقدم في اليانصيب لأن التفاصيل غير واضحة على الموقع، وهي تخشى أن تشترك في باقة لا توفر لها احتياجاتها.
وأضافت “عندما اتخذت قراري بالذهاب مع مجموعة، كان ذلك لأنني أثق فيهم وفي الخدمة التي سيقدمونها”، متابعة “لقد وثقت في أيديولوجية وفكر أولئك الذين سيقومون بتدريسي وتوجيهي… شعرت بالارتياح لأنني سأسترشد بشيخ بريطاني يعرف احتياجاتي… في ظل هذا النظام الجديد، ليس لديك أي فكرة عما ستنتهي إليه الأمور “.
وقالت إنها لم تطلب بعد استرداد مبلغ الدفعة الأولى البالغة 10 آلاف جنيه إسترليني، على أمل أن فشل نظام اليانصيب في جذب أعداد كافية وإعادة تنشيط منظمي الرحلات السياحية.
بالنسبة للمنظمين مثل حبيب الرحمن، كانت التغييرات التي حدثت في اللحظة الأخيرة بمثابة ضربة مالية ولوجستية، حيث قال “بالطبع سنقوم بإعادة أموال من حجزوا معنا”، لكن “إن استرداد الأموال السعوديين يظل صراعاً مستمراً… لا نزال ننتظر استرداد الأموال من أصحاب الفنادق السعوديين بعد إلغاء الحج في عام 2020”.
وأضاف “الأمر برمته مدمر ومفجع… لقد ولت للتو سبل عيش الناس بنقرة واحدة… نحن لا نتحدث فقط عن موظفي المملكة المتحدة – لدينا الكثير من الموظفين المقيمين في السعودية لوظائف ربما لم تعد موجودة “.