يدخل الكاتب والأكاديمي السعودي الدكتور محمد الحضيف عامه العاشر في السجون السعودية، بعد أن حُكم عليه بالسجن 13 عامًا، فقط لأنه مارس حقه المشروع في التعبير عن رأيه، وانتقد تدخل النظام الإماراتي في الشؤون الداخلية للمملكة.
في 19 مارس/آذار 2016، اعتُقل الحضيف تعسفًا من مطار الرياض فور عودته من تركيا، بعد نشره تغريدة تساءل فيها عن مشروعية تدخل النظام الإماراتي في الشؤون الداخلية لبلاده، وتنظيمها حملات تحريضية على منظمات المجتمع المدني السعودي. لكن بدلًا من الرد بالحوار، قررت السلطات السعودية الزج به في المعتقل بتهم فضفاضة، أهمها “الإساءة لدولة صديقة”.
ومنذ ذلك الحين، حُرم الحضيف من توكيل محامٍ، وتعرض لمحاكمة سرية تفتقر لأدنى معايير العدالة، صدر فيها أولًا حكم بالسجن خمس سنوات والمنع من السفر مدة مماثلة. ثم جرى تشديد الحكم لاحقًا إلى تسع سنوات، وصولًا إلى 13 عامًا في أوائل عام 2023، في واحدة من أبشع صور الانتقام السياسي على خلفية رأي.
لا يمكن فصل ما جرى مع الحضيف عن العلاقة الوطيدة بين النظام السعودي ونظيره الإماراتي، حيث تشير مصادر مطّلعة إلى أن اعتقاله جاء بعد شكوى مباشرة قدمتها حكومة أبو ظبي، تبعها حملة تشهير إلكترونية شرسة قادتها جيوش إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، بغرض النيل من سمعته والتحريض ضده.
الدكتور محمد الحضيف ليس مجرمًا ولا خارجًا عن القانون، بل هو أكاديمي متمرس، ومثقف إصلاحي، وصاحب سيرة علمية ومهنية مشرفة. حصل على البكالوريوس من جامعة الملك سعود مع مرتبة الشرف، ثم على الماجستير في نظريات الإعلام من جامعة كانساس، والدكتوراه من جامعة ويلز البريطانية. كما أسس لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية عام 1993، وله مؤلفات وأعمال أكاديمية وثقافية عديدة، وشارك في برامج تلفزيونية عدة داخل وخارج المملكة.
إن استمرار اعتقال الدكتور الحضيف لا يمثل فقط انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان وحرية التعبير، بل هو أيضًا دليل دامغ على خضوع النظام السعودي للإملاءات الخارجية، وتخليه عن سيادته الوطنية لصالح أجندات إقليمية مشبوهة.
نطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الدكتور محمد الحضيف، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها. كما نطالب الأمم المتحدة وهيئاتها المعنية، وعلى رأسها المقرر الخاص بحرية الرأي والتعبير، بالتحرك الجاد لإدانة هذه الجريمة السياسية، والضغط على النظام السعودي لوضع حد للقمع المنهجي ضد كل صوت حر.