الناشط السعودي عبد الرحمن الخالدي… أربع سنوات من الاحتجاز في بلغاريا وقرار جديد يمدد المعاناة

تجدد منظمة معًا من أجل العدالة إدانتها الشديدة لاستمرار احتجاز الصحفي والمعارض السعودي عبد الرحمن الخالدي في بلغاريا، بعد صدور قرار جديد بتاريخ 26 سبتمبر/أيلول 2025 بتمديد احتجازه الإداري لمدة ستة أشهر إضافية، في تجاهلٍ تامٍ للأحكام القضائية السابقة التي أمرت بالإفراج عنه، وللتحذيرات المتكررة من خطر تسليمه إلى المملكة العربية السعودية، حيث يواجه خطر التعذيب أو الإعدام.
تسلسل زمني لحالة الخالدي
بدأت مأساة الخالدي في أكتوبر/تشرين الأول 2021 حين أوقفته السلطات البلغارية بعد عبوره الحدود قادمًا من تركيا، رغم امتلاكه ما يثبت طلبه اللجوء خوفًا من الاضطهاد في بلاده بسبب نشاطه السياسي والإعلامي. ومنذ ذلك الحين، وُضع في مركز احتجاز بوسمانتسي قرب العاصمة صوفيا، في ظروف غير إنسانية تفتقر إلى الرعاية الطبية والغذاء الكافي.
في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2024، أصدرت المحكمة الإدارية في صوفيا حكمًا بترحيله إلى السعودية، مستندة إلى مبررات واهية من بينها أن “السعودية لا تعاني من حرب” وأنها “تحكم بالشريعة وتتمتع بديمقراطية محلية”، في سابقةٍ صادمة كشفت عن تساهل القضاء البلغاري مع النفوذ السياسي والاقتصادي السعودي.
لاحقًا، وفي 26 مارس/آذار 2025، أصدرت المحكمة الإدارية نفسها قرارًا جديدًا يقضي بـ الإفراج الفوري عن الخالدي، وهو القرار الثاني من نوعه بعد حكم مماثل صدر في يناير/كانون الثاني 2024. غير أن السلطات البلغارية رفضت مجددًا تنفيذ القرار القضائي، بل استدعته في 28 مارس بحجة “استكمال إجراءات الترحيل”، صادرت هاتفه بالقوة ومنعته من الاتصال بمحاميه، وأجبرته على توقيع وثيقة تحت التهديد دون ترجمة أو نسخة منها.
ورغم أن الحكم القضائي الأخير نهائي وغير قابل للاستئناف، فإن السلطات البلغارية قررت في سبتمبر/أيلول 2025 تمديد احتجازه ستة أشهر أخرى، مبررة ذلك بمزاعم “أمنية” لا سند لها، في خطوة تُعدّ خرقًا مباشرًا للقانون الأوروبي الذي يمنع الاحتجاز التعسفي دون مبرر أو ضرورة قصوى.
ظروف احتجاز قاسية وانتهاكات موثقة
منذ اعتقاله، يتعرض الخالدي لانتهاكات متكررة، تشمل الحرمان من الرعاية الصحية واحتجازه في ظروف مهينة. يعاني من مشاكل في القلب ونوبات هلع حادة، ويُمنع من الحصول على أدويته الأساسية إلا مقابل الخضوع لاستجوابات غير قانونية من جهاز الأمن القومي البلغاري.
كما أُبلغ أكثر من مرة بأن ترحيله يتم التنسيق له مع مسؤولين سعوديين عبر طائرة خاصة، في تجاوز واضح لكل القوانين الدولية التي تحظر إعادة أي شخص إلى بلدٍ يواجه فيه خطر التعذيب أو الإعدام.
في يوليو 2024، خاض الخالدي إضرابًا عن الطعام استمر 104 أيام احتجاجًا على احتجازه التعسفي وسوء المعاملة، قبل أن يضطر لإنهائه بسبب تدهور حالته الصحية. وحتى اليوم، ما زال محروماً من التواصل المنتظم مع محاميه أو المنظمات الدولية، بعد أن سيطر جهاز الأمن القومي البلغاري (SANS) بالكامل على ملفه ومنع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين من التدخل.
مسؤولية بلغاريا وتواطؤها مع النظام السعودي
قضية عبد الرحمن الخالدي لم تعد مجرد حالة لجوء، بل تحولت إلى فضيحة سياسية وإنسانية تكشف عمق التعاون الأمني بين بلغاريا والنظام السعودي. فبدلاً من احترام التزاماتها بموجب اتفاقية جنيف الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951 والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، اختارت بلغاريا تجاهل قرارات قضائية ملزمة والتواطؤ في إجراءات الترحيل القسري، استجابةً لضغوط سياسية ومالية سعودية.
إن الإصرار على إبقاء الخالدي رهن الاحتجاز رغم صدور قراري إفراج نهائيين يؤكد أن السلطات البلغارية لم تعد تتعامل معه كطالب لجوء، بل كـ “ملف أمني” يتم معالجته بالتنسيق مع الرياض، في سابقة خطيرة تضرب في جوهر منظومة اللجوء الأوروبية.
عبد الرحمن الخالدي، الذي غادر السعودية عام 2013 هربًا من الملاحقة بسبب نشاطه الإعلامي، يواجه في حال ترحيله خطر الاعتقال الفوري والتعذيب وربما الإعدام، شأنه شأن العديد من المعارضين الذين أُعيدوا قسرًا إلى المملكة في السنوات الأخيرة. وهو ما يجعل استمرار احتجازه خطوة تمهيدية لجريمة ترحيل محتملة، تتحمل بلغاريا مسؤوليتها الكاملة أمام المجتمع الدولي.
تؤكد منظمة معًا من أجل العدالة أن ما يتعرض له عبد الرحمن الخالدي يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقية مناهضة التعذيب، وتعتبر السلطات البلغارية مسؤولة قانونيًا وأخلاقيًا عن أي أذى قد يلحق به. كما تحمّل المنظمة الاتحاد الأوروبي مسؤولية الصمت المريب تجاه هذه القضية، وتدعو إلى تحرك عاجل وشفاف يضمن:
- الإفراج الفوري وغير المشروط عن عبد الرحمن الخالدي وتنفيذ قرار المحكمة الإدارية الصادر في مارس 2025.
- وقف أي ترتيبات أو إجراءات لترحيله إلى السعودية، وضمان حصوله على الحماية الدولية والرعاية الطبية اللازمة.
- فتح تحقيق أوروبي مستقل في تورط السلطات البلغارية في خرق التزاماتها القانونية بحق اللاجئين.
- فرض عقوبات على المسؤولين البلغاريين المتورطين في هذه الانتهاكات، ومحاسبة كل جهة ساهمت في التنسيق مع النظام السعودي.
تذكّر معًا من أجل العدالة بأن ترحيل عبد الرحمن الخالدي إلى السعودية يعني الحكم عليه بالموت، وأن كل يوم إضافي يقضيه في احتجازه التعسفي هو وصمة عار على جبين العدالة الأوروبية. وتدعو المنظمة المجتمع الدولي إلى رفع الصوت مجددًا عبر الوسم:
#أوقفوا_ترحيل_الخالدي
— #StopDeportingAlkhalidi