إصداراتتقارير

بعد أربع سنوات من الظلم… هل يكفي السماح بعودة سعد الماضي للولايات المتحدة لإغلاق ملف الانتهاكات؟

أعلنت السلطات السعودية السماح للمواطن السعودي–الأمريكي سعد الماضي، البالغ من العمر 75 عامًا، بالعودة إلى منزله في ولاية فلوريدا، بعد أربع سنوات من الاعتقال التعسفي الذي بدأ بسبب 14 تغريدة كتبها على منصة “إكس” تنتقد سياسات الحكومة. ورغم أن القرار قد يبدو خطوة إيجابية في ظاهره، فإن قصة الماضي، منذ لحظة اعتقاله وحتى السماح له بالمغادرة، تكشف حجم الانتهاكات التي تعرض لها، وكيف تُحوِّل السلطات ملفات الأفراد إلى أدوات سياسية يمكن فتحها وإغلاقها حين تشاء.

كان الماضي قد اعتُقل خلال زيارته للمملكة في عام 2021، ليُحاكم لاحقًا أمام محكمة مختصة بقضايا الإرهاب ويُحكم عليه بالسجن 19 عامًا، قبل أن تُعاد صياغة الاتهامات تحت مسمى “الجرائم الإلكترونية”، ثم يُضاف إليه حكم بالمنع من السفر لمدة 30 عامًا. هذا المسار وحده يوضح أن القضية لم تكن قائمة على أسس قانونية، بل على تجريم التعبير السلمي وتحويل المواطن إلى هدف للعقاب بسبب رأي نشره خارج البلاد.

واليوم، وبعد أن تقرر “إخلاء سبيله” والسماح له بالمغادرة قبل خمسة أشهر من رفع حظر السفر، يبقى السؤال الأهم: هل انتهت القضية؟ وهل يطوى الملف لمجرد السماح له بالعودة؟

هل سيُعوض عن سنوات الاعتقال التعسفي؟

هل ستُحاسَب الجهات التي احتجزته وأجبرته – بحسب ابنه – على توقيع أوراق للتخلي عن جنسيته الأمريكية؟

وهل رفع المنع من السفر يُنهي الألم النفسي والمعاناة الإنسانية؟

الإفراج عن الماضي، في توقيته وسياقه، لا يمكن فصله عن الحراك السياسي بين الرياض وواشنطن، ولا عن محاولة تقديم القرار كدليل على “حسن النية” بعد لقاءات رفيعة المستوى. لكن الحقيقة أن الانتهاك حدث بالفعل، وأن ما جرى اليوم ليس إصلاحًا، بل محاولة لإغلاق ملف مزعج من دون فتح باب المساءلة أو الاعتراف بالخطأ.

كما أن الماضي ليس حالة فردية، بل واحد من عدد من المواطنين حُوكموا وحُظر عليهم السفر، وتعرضوا للابتزاز والتهديد بسبب انتقادهم سياسات النظام. ولهذا فإن معالجة قضية واحدة، أو السماح لشخص واحد بالمغادرة، لا يغيّر حقيقة أن البنية القمعية ما زالت قائمة، وأن مئات الأفراد ما زالوا محرومين من حرياتهم أو ممنوعين من السفر.

السماح بعودة سعد الماضي خطوة إنسانية لعائلته، لكنها لا تُغلق صفحة الانتهاك، ولا تُعيد له ما فُقد، ولا تُصحح مسارًا كاملًا من تكميم الأفواه. فالعدالة لا تتحقق بعودة الضحية إلى منزله، بل بمحاسبة من انتهكوا حقوقه، وتعويضه، وضمان ألا يُستخدم القانون مرة أخرى لإسكات رأي أو معاقبة تغريدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى