فشلت المملكة العربية السعودية مجددًا في الحصول على مقعد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بعد التصويت الذي جرى الأربعاء 09 أكتوبر/تشرين الأول 2024، حيث خسرت المملكة بحصولها على 117 صوتًا فقط، وقد جاءت هذه الهزيمة بعد اخفاق آخر قبل أربع سنوات حيث فشلت في الحصول على الأصوات اللازمة للانضمام للمجلس.
إن هزيمة السعودية في محاولتها الأخيرة للانضمام إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تمثل انتكاسة كبيرة لصورة المملكة الدولية والجهود المكثفة التي بذلتها لإعادة تشكيل سمعتها في ظل رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان 2030. جاءت هذه الانتكاسة بعد حملات مكثفة ومستمرة تشنها جماعات حقوق الإنسان بسبب سجل المملكة الوحشي في انتهاكات حقوق الإنسان، مؤكدين أن إدراجها في المجلس من شأنه أن يقوض المهمة الأساسية للهيئة لدعم حقوق الإنسان على مستوى العالم.
على الرغم من المليارات التي أنفقت على تحويل صورتها من دولة معروفة بالقوانين الصارمة وانتهاكات الحقوق إلى مركز للسياحة والترفيه، تظل المملكة العربية السعودية تحت التدقيق بسبب انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة. ومن الأمثلة البارزة على ذلك الاتهامات التي واجهتها بأن حرس الحدود السعوديين قتلوا مئات المهاجرين الإثيوبيين الذين حاولوا العبور من اليمن بين عامي 2022 و2023 – وهي ممارسات تشير هيومان رايتس ووتش وغيرها إلى أنها تشكل جرائم ضد الإنسانية. بالإضافة إلى ذلك، لم تقدم الحكومة السعودية حتى الآن تفسيرًا كاملًا لجريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي في عام 2018، وهي الحادثة التي أثارت غضبًا عالميًا وألقت بظلالها على مكانة المملكة العربية السعودية في المجتمع الدولي.
خلال التصويت على مقاعد المجلس، كانت المنظمات الحقوقية صريحة في معارضتها لترشيح المملكة، مؤكدة أن السماح للمملكة العربية السعودية بالانضمام إلى المجلس من شأنه أن يوجه ضربة شديدة لشرعيتها ويخون تفويض المجلس بحماية ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان.
أحد الأصوات البارزة بين المنتقدين، لويس شاربونو، مدير قسم الأمم المتحدة في هيومن رايتس ووتش، رأى أن البلدان المسؤولة عن ارتكاب الفظائع، وتتمتع بالإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة غير مؤهلة بشكل أساسي للعمل في مجلس يدافع عن العدالة ويطالب بالمساءلة، مشيرًا إلى أن سجل المملكة العربية السعودية، بما في ذلك مزاعم الانتهاكات المنهجية للحدود وقمع المعارضة داخل حدودها، يتناقض بشكل صارخ مع المبادئ التي من المفترض أن يدعمها مجلس حقوق الإنسان.
في خطوة أثارت قلق الناشطين في وقت سابق من هذا العام، تم تعيين المملكة العربية السعودية لرئاسة لجنة تابعة للأمم المتحدة مخصصة لتعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة على مستوى العالم، على الرغم من سجلها الموثق جيدًا للسياسات التقييدية تجاه المرأة. وقد دفع هذا التعيين، إلى جانب سعيها للحصول على مقعد في مجلس حقوق الإنسان، العديد من الأشخاص إلى التشكيك في التزام الأمم المتحدة بحماية معايير حقوق الإنسان.
على الرغم من أن مجلس حقوق الإنسان نفسه يفتقر إلى السلطة الملزمة قانونًا، إلا أنه يتمتع بنفوذ كبير في تسليط الضوء على الانتهاكات وبدء التحقيقات التي يمكن أن تكون بمثابة أساس لملاحقة جرائم الحرب. تواجه مهمة المجلس، الذي تأسس في عام 2006 ليحل محل لجنة حقوق الإنسان التي فقدت مصداقيتها، تحديات مستمرة حيث تسعى البلدان ذات السجلات الحقوقية السيئة إلى الحصول على مقاعد، وغالبًا ما تستخدم مناصبها لحماية نفسها وحلفائها من التدقيق.
إن هزيمة المملكة العربية السعودية في هذه الانتخابات تؤكد على الوعي الدولي المتزايد والقلق بشأن سجل حقوق الإنسان في البلاد، فضلاً عن النفوذ المستمر لمنظمات حقوق الإنسان. ستبدأ الدول الأعضاء الجديدة، بما في ذلك دول مثل كولومبيا وكينيا وأيسلندا، ولاياتها في عام 2025، على أمل أن يظل المجلس مدافعًا قويًا عن حماية وتعزيز حقوق الإنسان.
لا يزال الضوء مسلطًا على المملكة العربية السعودية، ومن المتوقع أن تواصل جماعات حقوق الإنسان الدولية عملها في كشف الانتهاكات ومحاسبة المملكة، خاصة وأن التدقيق من جانب المجتمع الدولي أصبح أكثر كثافة من أي وقت مضى، مع تزايد الدعوات إلى العدالة والشفافية.

