تُعرب منظمة “معًا من أجل العدالة” عن استيائها العميق من زيارة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى المملكة العربية السعودية ولقائه مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي تركز بشكل أساسي على تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.
تأتي هذه الزيارة في وقتٍ تواصل فيه السلطات السعودية انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك قمع النشطاء السلميين، واعتقال المعارضين، وتصاعد عمليات الإعدام، وتفشي التعذيب داخل السجون والمعتقلات العلنية والسرية لإجبار المعتقلين على التوقيع على اعترافات لا صلة لهم بها.
لقد شدد رئيس الوزراء البريطاني على أن هذه الزيارة تهدف إلى تعزيز الاستثمارات وخلق فرص العمل في المملكة المتحدة، مشيرًا إلى عدد من المشاريع المشتركة مع السعودية مثل التعاون في إنتاج ألياف الكربون، تقنيات التنقل الهيدروجيني، والاستثمار في الخرسانة المستدامة. هذه المشاريع التي قد تُسهم في تعزيز الاقتصاد البريطاني يتم الترويج لها دون أي إشارة إلى سجل المملكة المظلم في مجال حقوق الإنسان.
إن مثل هذه العلاقات، التي تُبنى على المصالح الاقتصادية البحتة، تتجاهل حقيقة أن العدالة لم تتحقق بعد في العديد من القضايا، أبرزها جريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي. ورغم مرور أكثر من خمس سنوات على مقتله داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، لم تتم محاسبة المسؤولين الرئيسيين عن هذه الجريمة البشعة، وظلت العدالة مجرد شعار لم يتحقق.
من المؤسف أن نرى القادة الغربيين يتوافدون إلى الرياض، متجاهلين سجل المملكة الحافل بالانتهاكات. فبدلاً من استخدام هذه الزيارات كفرصة لمحاسبة النظام السعودي على جرائمه، يتم تكريسها لتعزيز المصالح الاقتصادية. إن هذا التواطؤ الصامت يعكس ازدواجية معايير واضحة في تعامل الغرب مع قضايا حقوق الإنسان، حيث تُغضّ الطرف عن الانتهاكات عندما تكون المصالح المادية على المحك.
من بين المشاريع التي أُعلن عنها خلال زيارة ستارمر التعاون في إنتاج ألياف الكربون لمشروع نيوم. هذا المشروع، الذي تروّج له السعودية كرمز للتقدم والابتكار، قام على تهجير قسري للسكان الأصليين في منطقة الحجاز، حيث تم تهديد العديد من العائلات التي رفضت الإخلاء. وفي حالات أخرى، لجأت السلطات إلى استخدام العنف المفرط، بما في ذلك قتل أفراد رفضوا مغادرة أراضيهم. علاوة على ذلك، يعاني العمال المشاركون في بناء المشروع من ظروف عمل قاسية واستغلال مفرط، دون حماية قانونية أو رقابة دولية على حقوقهم.
أعلن ستارمر أيضًا عن اتفاقية تعاون بين شركة “أرامكو” السعودية وشركة “Carbon Clean” البريطانية، تهدف إلى تطوير تقنيات التقاط الكربون. ورغم أن هذه المشاريع تُسوق على أنها جزء من الجهود لتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2060، إلا أن المملكة السعودية تستمر في استثمار مليارات الدولارات في صناعة الوقود الأحفوري وتصديره. إن هذا التعاون يناقض التزام المملكة المتحدة المعلن بمكافحة تغير المناخ ويكشف ازدواجية فاضحة في مواقفها، حيث يتم تغليب المكاسب الاقتصادية على الضرورات البيئية.
تدعو منظمة “معًا من أجل العدالة” الحكومة البريطانية إلى استغلال هذه العلاقات للدفع نحو تحسين أوضاع حقوق الإنسان في السعودية، والضغط من أجل إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وضمان المحاسبة في القضايا الكبرى مثل اغتيال خاشقجي. إن التزام المملكة المتحدة بالقيم الديمقراطية والإنسانية يفرض عليها مسؤولية أخلاقية بعدم تجاهل هذه القضايا لصالح المكاسب الاقتصادية.
ختامًا، تؤكد منظمة “معًا من أجل العدالة” أن تجاهل الانتهاكات المستمرة في السعودية لن يؤدي إلا إلى مزيد من التدهور في سجل حقوق الإنسان في المنطقة، وسيُظهر للعالم أن المصالح الاقتصادية تتغلب على العدالة والكرامة الإنسانية، كما سيُضعف مصداقية الدول التي تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان.

