تعرب منظمة معًا من أجل العدالة عن بالغ قلقها إزاء استمرار اعتقال المواطن البريطاني أحمد الدوش في المملكة العربية السعودية منذ 31 أغسطس/آب 2024، وسط ظروف غامضة وممارسات تنتهك بشكل صارخ حقوقه الأساسية، في ظل عدم توجيه أي تهم رسمية إليه، وحرمانه من محاكمة عادلة أو من الحد الأدنى من ضمانات العدالة الجنائية.
الدوش، البالغ من العمر 41 عامًا ويعمل محلل أعمال لدى بنك أوف أميركا، اعتُقل أثناء زيارته عائلته في السعودية، ومنذ ذلك الحين وهو محتجز في الحبس الانفرادي، محروم كليًا من التواصل مع العالم الخارجي. لم يُسمح له بالاتصال بمحامٍ أو التواصل مع أفراد أسرته، بل وحتى يوم ولادة طفله الرابع، لم يُمنح حق الحديث مع زوجته أو الاطمئنان على مولوده، في مشهد يُجسد أقصى درجات القسوة والانتهاك الإنساني.
ورغم مضي سبعة أشهر على اعتقاله، لم تقدم السلطات السعودية أي مبرر قانوني واضح لاستمرار احتجازه. وقد اقتصرت الزيارة القنصلية الوحيدة المسموح بها من قبل السلطات البريطانية على لقاء يتيم تم في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وهو ما يؤكد حالة العزلة والتعسف التي يعيشها المعتقل.
تشير المعطيات إلى أن التحقيقات التي خضع لها الدوش تدور حول بعض المنشورات الشخصية المحدودة على وسائل التواصل الاجتماعي، التي لا تتعلق بالسعودية بأي شكل، وفقًا لتأكيد محاميته البريطانية هايدي ديجكستال، التي اعتبرت أن احتجازه لا يستند إلى أي أساس قانوني. كما لفتت إلى أن أحد أسباب الاعتقال قد يكون علاقته الشخصية بابن المعارض السعودي سعد الفقيه، رغم أن الدوش لا تربطه أية صلة بالأب، وهو ما يجعل هذا الاعتقال قائمًا على الافتراضات والاشتباهات وليس على الوقائع أو الأدلة.
الجدير بالذكر أنه في 16 ديسمبر/كانون الأول 2024، قدمت ديجكستال شكوى رسمية إلى فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، أوضحت فيها أن ما يتعرض له موكلها يمثل احتجازًا تعسفيًا وفقًا للقانون الدولي، لانتهاكه الحق في حرية التعبير وحرية التواصل، ولغياب الأسس القانونية أو القضائية للاعتقال.
وقالت ديجكستال في تصريحاتها:
“إن معاملة أحمد الدوش تمثل انتهاكًا صارخًا لحقوقه الأساسية، بما في ذلك الحرمان من الإجراءات القانونية الواجبة، مما يجعل احتجازه تعسفيًا بموجب القانون الدولي.”
كما تبدي “معًا من أجل العدالة” قلقها العميق من رد فعل وزارة الخارجية البريطانية، التي اختبأت خلف قوانين حماية البيانات لتمتنع عن إطلاع أسرته على المعلومات الأساسية حول وضعه، وتؤكد المنظمة أن هذا التبرير غير مقبول في قضية إنسانية تتطلب الشفافية والدعم الكامل لعائلة بريطانية تعيش حالة من القلق والحيرة منذ شهور.
وتؤكد المنظمة أن استمرار اعتقال أحمد الدوش، في ظل هذه الظروف، يمثل انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي، وتعديًا صريحًا على حقوق الإنسان، ويعكس توجهًا خطيرًا لدى السلطات السعودية في استهداف الأفراد بناءً على آرائهم الشخصية أو علاقاتهم الاجتماعية المفترضة، حتى وإن لم تكن ذات صلة مباشرة بالشأن السعودي.
وفي ضوء هذه التطورات، تطالب منظمة معًا من أجل العدالة بما يلي:
- الإفراج الفوري وغير المشروط عن المواطن البريطاني أحمد الدوش، في ظل انعدام الأساس القانوني والعدلي لاحتجازه.
- تمكينه من الاتصال المباشر والفوري بأسرته ومحاميه، وضمان حصوله على الرعاية الصحية والنفسية التي يحتاجها.
- دعوة الحكومة البريطانية إلى اتخاذ خطوات أكثر فاعلية لحماية حقوق مواطنها، والتحرك العاجل للضغط على السلطات السعودية لضمان سلامته الجسدية والنفسية.
- إجراء تحقيق دولي مستقل وشفاف في ملابسات اعتقاله، ومحاسبة الجهات المسؤولة عن انتهاك حقوقه.
إن استمرار اعتقال أحمد الدوش في معزل عن العالم، دون تهمة أو محاكمة، يُعد جريمة بحق العدالة والكرامة الإنسانية، ويكشف عن واقع مقلق تمارس فيه السلطات السعودية الاعتقال كسلاح لإسكات الأفراد، ومعاقبتهم على صلات شخصية أو آراء لم تُشكل أي تهديد أو خرق للقانون.
تدعو منظمة معًا من أجل العدالة كل الجهات الحقوقية الدولية والبعثات الدبلوماسية إلى عدم التزام الصمت، والعمل الجاد من أجل إنهاء هذا الانتهاك السافر، وضمان إطلاق سراح أحمد الدوش فورًا، ومحاسبة المسؤولين عن اعتقاله وحرمانه من حقوقه الأساسية.

