إعادة محاكمة الأكاديمي عبد العزيز الفوزان يؤكد تسييس القضاء في المملكة
تدين منظمة “معًا من أجل العدالة” وبأشد العبارات قرار الجهات المختصة في المملكة العربية السعودية بإعادة محاكمة الأكاديمي والداعية عبد العزيز الفوزان بدلًا من الإفراج عنه كما كان مقرر، وتشدد المنظمة أن هذه القرارات القضائية التعسفية ضد معتقلي الرأي والتي لا يمكن وصفها إلا بأنها مسيسة لا تستند على أي مسوغ قانوني منطقي.
وكان الشيخ عبد العزيز الفوزان ينتظر إطلاق سراحه بعد أن تم نقله قبل حوالي عام إلى دار الاستراحة وهي خطوة تسبق تنفيذ قرار الإفراج، لكن بدلًا من الالتزام بالقانون قررت الجهات القضائية المختصة وبأوامر مباشرة من الأجهزة الأمنية بتمديد احتجازه وإحالته للقضاء لإعادة محاكمته على خلفية قضية جديدة لم يُفصح عن تفاصيلها بعد.
وكان عبد العزيز الفوزان قد اعتقل في أواخر يوليو/تموز 2018 بعد نشره سلسلة من التغريدات عبر حسابه الشخصي على منصة “X” -تويتر سابقًا- ينتقد فيها حملة القمع التي تشنها السلطات ضد رجال الدين، ما عرضه في البداية لحملة شرسة من الذباب الإليكتروني تبعتها حرمانه من السفر والمنع من النشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وبعد أسبوعين من هذه الحملة أعلنت مصادر خاصة عن اعتقاله.
وُلد الفوزان في مدينة بريدة في منطقة القصيم عام 1963، وبعد تخرجه عمل أستاذاً للفقه المقارن والقانون في المعهد العالي للقضاء (وهي الجهة التي تختص بتخريج القضاة للمحاكم السعودية) التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إحدى أكبر الجامعات الإسلامية في البلاد، كما سبق وعمل أستاذاً زائراً في جامعة هارفارد، وترأس قسم الدراسات الإسلامية في معهد العلوم الإسلامية والعربية بواشنطن.
بالإضافة إلى أنه تولى منصباً في مجلس هيئة حقوق الإنسان الحكومية والجمعية الفقهية السعودية، واستشارياً كبيراً في بنوك وشركات استثمار إسلامية عدّة.
لكن مسيرة الفوزان العلمية والعملية لم تشفع له عند السلطات حين قرر انتقاد بعض سياساتها ومساراتها، وبدلاً من اتباع أسلوب الحوار الذي سيعود قطعاً بالفائدة على البلاد، فضلت السلطات استخدام القمع في التعامل مع آرائه المعارضة، ووضعته في السجن مثل مئات المعارضين والأكاديميين والنشطاء والصحفيين ورجال الأعمال الذين تشن السلطات هجمة شرسة ضدهم منذ منتصف 2017.
قرار محاكمة الفوزان بهذه الطريقة يأتي بعد فترة وجيزة من تصريحات ولي العهد السعودي حول القوانين الحالية والتي وصفها بـ “السيئة”، وبالرغم من تعهده بتغييرها في أسرع وقت وإعلانه بأنه “محرج” من الأحكام التي تصدر وفقًا لهذه القرارات مع وصفها بعض القضاة بـ “قليلي الخبرة”، لا تزال السلطة القضائية مستمرة في العمل بهذه القوانين “المعيبة” ولا يزال المعارضين والنشطاء يدفعون حريتهم ثمنًا لنشاطهم السلمي عبر استخدام حق التعبير عن الرأي المكفول قانونيًا.
إننا نطالب الجهات المعنية في المجتمع الدولي بالتدخل العاجل للضغط على النظام السعودي للإفراج عن كافة معتقلي الرأي وضمان حصولهم على كافة حقوقهم وفتح تحقيقات في أي انتهاكات تعرضوا لها.