ابن سلمان مصدوم: هل تستحق دماء خاشقجي كل هذا الصخب؟
جريمة قتل سياسي حقيرة استخدمت فيها أبشع صنوف الانتقام والسادية والتعذيب، هكذا يمكن -بأقل تحسس للكلمات- وصف التصفية الغادرة التي تعرض لها الصحفي السعودي جمال خاشقجي في سفارة بلده باسطنبول التركية في أكتوبر 2018، والتي تحولت إلى فضيحة عالمية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أو “صاحب المنشار” كما باتت تطلق عليها المنصات العالمية.
لكن صدمة ابن سلمان الكبرى تمثلت فيما نطقه على لسان الإعلامي المصري عمرو أديب، الذي يتلقى تمويله مباشرة من النظام السعودي عبر كفيله تركي آل الشيخ. أديب دخل في وصلة صراخ بعد الإعلان عن مقتل خاشقجي وتورط بن سلمان فيه، مكررا سؤالا يحسن بنا التوقف عنده كثيرا لفهم ما يؤرق بن سلمان هذه اللحظات: هل تستحق دماء خاشقجي كل هذا الصخب!؟
الحلفاء يفرون من حوله بسبب قتله خاشقجي
لم يخسر بن سلمان بعد هذه الجريمة سمعته الدولية وحسب، بل امتدت صدمه لتشمل حليفه العتيد -والوحيد تقريبا، الإمارات. فقد أحبطت أبو ظبي حليفها السعودي في قضية قتل خاشقجي، حيث التزمت الهدوء دون اتخاذ موقف صريح لدعم “القاتل” إزاء نشر وكالة الاستخبارات الأمريكية تقريرا يدين رسميا بن سلمان بالمسئولية عن قتل خاشقجي.
لم تبادر أبوظبي كعادتها لإصدار رد فعل قوي مساند لمحمد بن سلمان في محنته رغم توالي المواقف الدولية المنددة بولي العهد، واكتفت بإصدار بيان مقتضب من وزارة خارجيتها تؤكد فيه “دعمها لموقف السعودية من التقرير الأميركي وتؤيد بيان الخارجية السعودية بخصوص قضية خاشقجي”.
يأتي ذلك فيما نشر المسئول الأمني المقرب من دوائر الحكم في الإمارات ضاحي خلفان تغريدة مثيرة يدعو فيها إلى معاقبة سعود القحطاني المستشار المقرب من بن سلمان، في وقت سبق وأن كشفت وثائق مسربة تعمد ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد تجاهل مساندة بن سلمان الذي شغل بخذلان كبير. وتتعلق الوثائق بالأزمة الشديدة التي واجهها بن سلمان عقب جريمة قتل خاشقجي.
وتحت عنوان “سرّي للغاية” كتب طحنون بن زايد مستشار الأمن الوطني إلى وزير الخارجية عبدالله بن زايد، تقريراً حول “عتب” السعودية على الإمارات بشأن طريقة تعاملها مع أزمة خاشقجي. وجاء في البرقية: في إطار التعاون المستمر بين المجلس الأعلى للأمن الوطني ووزارة الخارجية، نفيد سموّكم بالمعطيات الخاصة الواردة، حول تفاعلات العلاقات السعودية الإماراتية في ظل أزمة خاشقجي، لتقدير الموقف.
يسري عتب سعودي كامن على غموض موقف أبو ظبي السياسي، فقد اعتبر العديد من المقرّبين من بن سلمان بأن الموقف السياسي العلني من القيادة السياسية والأمنية في أبو ظبي تحديدا حيال وضع المملكة الصعب مع أزمة خاشقجي لم يرقَ إلى الطموحات السعودية، ربما بسبب ارتفاع نسبة “العشم” السعودي تجاه القيادة الإماراتية.
وقد كان السؤال الأهم في الرياض طيلة الشهر الماضي هو: لماذا لم يزر محمد بن زايد الرياض ولو لساعات؟ ولكن يمكن فهم الأمر بالنظر إلى تنامي حالة استياء نخبوي سعودي من الإمارات لا سيما مع أزمة خاشقجي، التي لوحظ خلالها تنامي مشاعر استياء من قبل نخب سياسية وأمنية وثقافية سعودية ضد الإمارات وخاصة أبو ظبي.
وانتشر القول في المجالس الخاصة وداخل مكاتب موظفي الدولة بأنها هي من ورّطت ولي العهد السعودي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ليتحول إلى شخص مندفع، ويخرج عن تقاليد المدرسة التقليدية السعودية القائمة على الصبر والتحمّل والحلم. بل إن بعضاً من الأمنيين المحافظين ذهب مع الرواية التركية الرسمية بأن للإمارات دوراً ما في الحادثة.
اقرأ أيضًا: خاشقجي.. صدمة لدى معارضي المنفى بعد عدم فرض عقوبات على بن سلمان
7 تعليقات