مجددًا… قضية راكان الدوسري ووالده مثالًا حيًا على قمع السلطات السعودية العابر للحدود
كشفت تقارير حقوقية مؤخرًا اعتقال السلطات السعودية لخمسة أفراد من عائلة المواطن الأمريكي راكان نادر الدوسري، البالغ من العمر 15 عامًا، وإحالتهم للمحاكمة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في البلاد، في خطوة انتقامية اتخذتها السلطات السعودية ردًا على الدعوى التجارية التي رفعها الدوسري ضد الحكومة السعودية.
في تصريحات خاصة حول الواقعة، قالت سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية لمنظمة DAWN: “منذ ما يقرب من خمس سنوات على مقتل جمال خاشقجي، تواصل الحكومة السعودية مهاجمة المواطنين الأمريكيين، هذه المرة، من خلال محاكمة خمس أفراد من عائلة سعودية انتقاما من دعوى تجارية مرفوعة ضد الحكومة السعودية في بنسلفانيا من قبل مواطن سعودي أمريكي”، وتابعت ويتسون “أقل ما يمكن أن تفعله إدارة بايدن هو حماية المواطنين الأمريكيين وأفراد أسرهم من مثل هذه الممارسات الوحشية التي تندرج ضمن سياسات القمع العابر للحدود.”
وفقًا لراكان نادر الدوسري، اعتقلت قوات الأمن السعودية أربعة من أفراد العائلة في 11 مايو/أيار 2023، وهم أعمامه الدكتور سلمان تركي الدوسري وسلطان تركي الدوسري، وعمته، وزوجة جده منيرة محمد القحطاني، وهي مواطنة كويتية في سجن الملز بالرياض، أما الخامس فكان قد اعتقل في 9 أبريل / نيسان، وهو نايف تركي الدوسري وبحسب أقاربهم، فإنهم محتجزون في ظروف سيئة، بعضهم في زنازين باردة بدون بطانيات أو أسرة مناسبة.
في 12 يوليو/تموز 2023، علمت عائلة الدوسري أن النيابة السعودية أحالت قضية أفراد العائلة الخمسة المحتجزين إلى المحكمة الجزائية المتخصصة في البلاد، وهي محكمة معروف عنها انحيازها للسلطات وإصدار أحكام مسيسة وعقوبات قاسية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين.
وبحسب عائلة الدوسري، منعت السلطات السعودية محامي الأسرة من مقابلة المعتقلين، فيما رفض النائب العام الاستجابة لطلبات المحامين بالحصول على معلومات أو إعطائهم نسخًا من أي مستندات متعلقة بالقضية، وعليه لا تعرف الأسرة ولا المحامون التهم الموجهة إلى الخمسة.
من جانبه، أكد نادر الدوسري، والد راكان، للمنظمات الحقوقية أن المحققين أوضحوا لأفراد الأسرة المحتجزين أنهم لن يفرج عنهم إلا إذا عاد هو وراكان إلى السعودية، والتي غادروها في يونيو/حزيران 2021 هربًا من التنكيل الأمني.
عائلة الدوسري لديها نزاع تجاري طويل الأمد مع السلطات السعودية، رفعت دعوى قضائية ضد أعضاء سابقين في الحكومة السعودية أمام المحكمة المحلية الفيدرالية للمنطقة الشرقية من ولاية بنسلفانيا في 29 يونيو/حزيران 2020، وتزعم الدعوى أن هؤلاء المسؤولين لم يلتزموا بالعقد الموقع بين الأطراف والذي وُقع عام 1994.
حدثت الأسرة دعواها القضائية في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2020، وأضافت متهمين آخرين من الحكومة السعودية الحالية، من بينهم الأمير محمد بن سلمان، لكن محكمة استئناف فيدرالية رفضت الدعوى لعدم اختصاصها، ومع ذلك، لم تتوقف ملاحقات السلطات الأمنية السعودية لعائلة الدوسري.
أندريا براسو، المديرة التنفيذية لمبادرة الحرية، علقت على الأمر قائلة: “في انتهاك صارخ واستغلال واضح للنفوذ، يحول النظام السعودي نزاعًا تجاريًا خاصًا إلى سبب رئيسي لاعتقال واحتجاز مواطنين أبرياء… هذا أوضح مثال على هزلية القضاء السعودي وتسييسه… بدلًا من الإصلاح، نرى الحكومة تقاضي جدة تبلغ من العمر 55 عامًا بتهم الإرهاب لأن حفيدها رفع دعوى قضائية تجارية في الولايات المتحدة”.
على الرغم من جهود التواصل العديدة، لم تقابل إدارة بايدن عائلة الدوسري ولم تقدم أي مؤشر على استعدادها للتدخل نيابة عن العائلة.
أرسل نادر الدوسري، والد راكان، رسائل إلى الرئيس بايدن ومجلس الأمن القومي والوزير بلينكن في 10 فبراير/شباط 2021، يطلب فيها تدخلهم بعد أن احتجزته السلطات السعودية لفترة وجيزة مع راكان في مطار الرياض في طريقهما إلى واشنطن، وأفرجت السلطات السعودية عنهم بعد ساعة وقالت لهم إنهم ممنوعون من السفر بأوامر من الديوان الملكي السعودي.
قالت جوليا ليجنر، المديرة التنفيذية لمنظمة القسط لحقوق الإنسان: “يجب على إدارة بايدن مقابلة راكان الدوسري وعائلته وضمان حمايتهم من المزيد من اضطهاد الحكومة السعودية”.
في 9 يونيو/حزيران 2021، سجل راكان الدوسري رسالة فيديو عاجلة وأرسلها عبر السفارة الأمريكية في الرياض يطلب فيها من الرئيس بايدن التدخل وحمايتهم من انتقام المسؤولين السعوديين، وردت السفارة بأنهم سيشاركون الرسالة مع وزارة الخارجية الأمريكية.
على الرغم من ذلك، لم يرد أي رد من الوكالات الحكومية الأمريكية، لكن السيد الدوسري وراكان تمكنا من مغادرة المملكة العربية السعودية في يونيو/حزيران 2021، بعد أن وصلتهم معلومات حول نية الحكومة السعودية لاستهدافهم انتقاما من الدعوى القضائية.
من جانبنا، نضم صوتنا إلى صوت منظمة القسط، ومنظمة DAWN ومبادرة الحرية ونطالب بالإفراج عن أفراد عائلة الدوسري وإنهاء اضطهادهم، مؤكدين أنه يجب على إدارة بايدن أيضًا فرض حظر خاشقجي على جميع المسؤولين السعوديين، بما في ذلك القضاة والمدعون العامون، الذين شاركوا في المضايقات الخارجية لأسرة الدوسري.
حظر خاشقجي هو سياسة تسمح لوزارة الخارجية بفرض قيود على التأشيرات على الأفراد الذين يتصرفون نيابة عن حكومة أجنبية وينخرطون بشكل مباشر في أنشطة جادة لمكافحة المعارضة خارج الحدود الإقليمية.
ونؤكد أن ما تعرضت له عائلة الدوسري في المملكة من اضطهاد وممارسات قمعية تدخل ضمن إطار العقاب الجماعي هو مجرد مثال آخر على المخاطر التي يواجهها المواطنون السعوديون الذين يفكرون في انتقاد الزعيم الفعلي للبلاد سواء على الصعيد السياسي أو التجاري أو أي صعيد آخر.