أربع سنوات من الظلم: استمرار احتجاز الناشط الروهينغي محمد عالم ياسين في سجون السعودية

تدين منظمة معًا من أجل العدالة استمرار احتجاز الناشط الروهينغي محمد عالم ياسين، نائب رئيس المركز الروهينغي العالمي، والذي يقضي هذا الشهر عامه الرابع خلف القضبان في السجون السعودية، تنفيذًا لحكمٍ جائر بالسجن لمدة 20 عامًا صدر بحقه في عام 2022، عقابًا له على دفاعه السلمي عن حقوق أبناء شعبه من أقلية الروهينغا المضطهدة.
اعتُقل محمد عالم ياسين في أكتوبر/تشرين الأول 2021 بمدينة مكة المكرمة، ضمن حملة اعتقالات استهدفت عددًا من النشطاء الروهينغا المقيمين في المملكة، بسبب نشاطهم الحقوقي وإبرازهم معاناة اللاجئين الروهينغا حول العالم. وقد شكّلت قضيته منذ ذلك الحين نموذجًا صارخًا لما يتعرض له حتى من لا ينتمون سياسيًا لأي تيار داخلي، بل يكرّسون جهودهم للدفاع عن قضايا إنسانية عادلة خارج حدود المملكة.
يُعد محمد عالم ياسين من الجيل الثالث من أبناء الجالية الروهينغية في السعودية، إذ تنحدر أسرته من ولاية أراكان (راخين) في ميانمار، حيث عانت الأقلية الروهينغية لعقود من الاضطهاد المنهجي والتمييز الديني والعرقي. وعلى الرغم من نشأته في المملكة، فإن ياسين لم ينسَ جذوره ولا معاناة شعبه، فكرّس سنوات من حياته للعمل الحقوقي والإعلامي، وساهم في تنظيم مؤتمرات دولية وحملات للتوعية بمعاناة الروهينغا، ما جعله صوتًا مؤثرًا عالميًا في الدفاع عن هذه القضية الإنسانية.
إلا أن هذه الجهود السلمية تحولت إلى تهمة داخل السعودية. ففي أكتوبر/تشرين الأول 2021، داهمت قوات الأمن السعودي منزله في مكة واعتقلته دون مذكرة توقيف، إلى جانب عدد من النشطاء الروهينغا. ومنذ ذلك الحين، تعرض ياسين للإخفاء القسري لفترة طويلة قبل أن يُحال إلى المحكمة الجزائية المتخصصة، التي أصدرت بحقه حكمًا قاسيًا بالسجن 20 عامًا، وسط محاكمة افتقرت لأدنى معايير العدالة والشفافية.
ويشير مراقبون إلى أن اعتقال ومحاكمة ياسين جاءا ضمن سياسة منهجية أوسع تتبناها السلطات السعودية لقمع الأصوات المستقلة والمناصرة لحقوق الإنسان، حتى لو لم تكن موجهة ضد الدولة نفسها، بل تتعلق بقضايا إنسانية خارجية. إذ تسعى المملكة من خلال هذه الممارسات إلى السيطرة على الخطاب العام وتكميم الأفواه، ومنع أي نشاط مدني لا يخضع لتوجيه الدولة أو يتعارض مع صورتها الإعلامية.
إن الناشط محمد عالم ياسين لم يرتكب جريمة سوى التعبير السلمي عن آرائه والدفاع عن شعبه المظلوم، ما يجعل احتجازه انتهاكًا صارخًا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يكفل حرية الرأي والتعبير ويحظر الاعتقال التعسفي. كما أن الحكم الصادر بحقه يعكس ازدواجية خطيرة في سلوك السلطات السعودية التي تدّعي دعم قضايا المسلمين حول العالم، بينما تعاقب من يتحدث عنهم من داخل أراضيها.
تؤكد منظمة معًا من أجل العدالة أن استمرار سجن محمد عالم ياسين بعد مرور أربع سنوات على اعتقاله يشكّل جريمة سياسية مكتملة الأركان، ويبعث برسالة ترهيب إلى الجاليات المقيمة في المملكة مفادها أن الدفاع عن حقوق الإنسان جريمة لا تُغتفر. وتحمل المنظمة السلطات السعودية المسؤولية الكاملة عن سلامته الجسدية والنفسية، وتدعو إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عنه، وإسقاط الحكم الجائر الصادر بحقه، وتعويضه عن سنوات الحرمان والظلم التي تكبّدها.
كما تناشد المنظمة الأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، والحكومات ذات التأثير الإقليمي والدولي إلى ممارسة ضغوط حقيقية على النظام السعودي لوقف حملات القمع الممنهجة ضد النشطاء السلميين، واحترام التزاماته الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، والكفّ عن إسكات الأصوات الحرة التي تسعى لتحقيق العدالة والمساواة.
 
				

