إرهاب الدولة: أحمد الحويطي رمز مقاومة قبيلة تُباد من أجل «نيوم»

يوافق الأول من أكتوبر الذكرى الخامسة لاعتقال الشاب أحمد عبد الناصر الحويطي، الذي كان يبلغ من العمر 19 عامًا فقط عندما اعتُقل بسبب اعتراضه السلمي على التهجير القسري لقبيلته من أراضيها في شمال غرب المملكة لصالح مشروع النظام السعودي الأضخم «نيوم».
منذ ذلك اليوم، يقبع أحمد خلف القضبان بعد محاكمة افتقرت لأبسط معايير العدالة، حُكم عليه فيها بالسجن عشرين عامًا، فيما نال والده حكمًا بالسجن 27 عامًا، وعمه 35 عامًا، فقط لأنهم تمسكوا بحقهم في أرضهم ورفضوا ترك منازلهم التي ورثوها عن أجدادهم.
قضية أحمد ليست حادثًا فرديًا، بل جزء من سياسة ممنهجة تتبعها السلطات السعودية ضد قبيلة الحويطات، التي تتعرض منذ عام 2020 لعملية تطهير عرقي كاملة في منطقة تبوك لإفساح الطريق أمام مشروع نيوم الفاخر الذي يروّج له ولي العهد محمد بن سلمان كمستقبل للذكاء الاصطناعي والسياحة الفاخرة، بينما يُبنى فوق أنقاض قرى أُفرغت قسرًا وسكان أُسكتت أصواتهم بالقوة أو السجن أو الرصاص.
قبل اعتقال أحمد بعام، قُتل ابن عمّه عبد الرحيم الحويطي في منزله برصاص قوات الأمن بعدما نشر مقاطع فيديو وثّق فيها رفضه مغادرة أرضه. السلطات ادّعت أنه تبادل إطلاق النار، لكن كل الدلائل تؤكد أنه قُتل لأنه تجرأ على قول “لا” لمشروعٍ لا يرحم.
منذ ذلك الحين، تحولت تهمة “رفض التهجير” إلى جريمة كبرى تُحاكم أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، وهي نفسها التي تنظر قضايا “الإرهاب”، لتصدر أحكامًا جائرة ضد أبناء القبيلة تتراوح بين 10 و50 عامًا، بل وصلت إلى أحكام بالإعدام ضد ثلاثة منهم، في واحدة من أبشع مظاهر إرهاب الدولة المنظم الذي يمارسه النظام السعودي لإخماد أي اعتراض سلمي.
مشروع «نيوم» الذي يُسوّق له النظام كـ«حلم المستقبل» أصبح في الحقيقة كابوس الحاضر لأهالي المنطقة، إذ تحوّل إلى رمز للظلم، والاستيلاء على الأراضي، والتمييز العرقي ضد السكان الأصليين، الذين لا مكان لهم في «المدينة الفاضلة» التي تُبنى على أنقاضهم.
خلف الصور البراقة والوعود الدعائية التي تملأ وسائل الإعلام العالمية، هناك قرى مهدّمة، وأسر مفقودة، وأبناء قبائل يقضون زهرة أعمارهم في السجون، فقط لأنهم تمسكوا بحقهم في الوجود. هذا ليس “تطويرًا”، بل تطهيرًا عرقيًا ممنهجًا يُعيد إلى الأذهان أسوأ نماذج الاستبداد في التاريخ الحديث.
تؤكد منظمة معًا من أجل العدالة أن ما يتعرض له أبناء الحويطات هو انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، ويمثل نموذجًا صارخًا لسياسة الإفلات من العقاب في السعودية، حيث تتحول التنمية إلى أداة قمع، والاستثمار إلى وسيلة تهجير، والتقدم إلى واجهةٍ لتبرير القتل والسجن.
نطالب المجتمع الدولي، والمنظمات الأممية، والجهات المعنية بحقوق الإنسان، بالتحرك العاجل للضغط على النظام السعودي من أجل:
- الإفراج الفوري عن أحمد عبد الناصر الحويطي وكل معتقلي القبيلة.
- إلغاء جميع الأحكام الصادرة في قضايا التهجير القسري.
- فتح تحقيق دولي مستقل في جرائم القتل والاعتقال التي طالت أبناء الحويطات.
- وقف مشروع نيوم حتى يتم ضمان حقوق السكان الأصليين وتعويضهم تعويضًا عادلاً وكاملًا.
لقد مرّت خمسة أعوام على سجن أحمد، لكن قضيته تظل شاهدًا على حقيقة ما يجري خلف بريق المشاريع الدعائية: نظامٌ يستخدم الإرهاب كسلاح لتكميم الأصوات، ويحوّل التنمية إلى غطاء للتطهير العرقي.