السلطات السعودية تُعدم معتقلاً اعتُقل قاصرًا: استمرار النهج الدموي رغم الإدانات الدولية

تدين منظمة معًا من أجل العدالة بأشد العبارات إقدام السلطات السعودية على تنفيذ حكم الإعدام بحق المواطن عبد الله بن محمد بن سعيد الدرازي من الطائفة الشيعية، صباح الاثنين 20 أكتوبر 2025، في المنطقة الشرقية، بعد سنوات من الاحتجاز التعسفي والتعذيب، وبالرغم من كونه قاصرًا عند وقوع التهم الموجهة إليه.
وفق بيان وزارة الداخلية السعودية، زعمت السلطات أن الدرازي “أسس تنظيمًا إرهابيًا يستهدف زعزعة الأمن وإطلاق النار على رجال الأمن”، في اتهامات فضفاضة اعتادت المحاكم السعودية استخدامها لتبرير الإعدامات السياسية.
إلا أن منظمات حقوقية دولية أكدت أن الدرازي اعتُقل عام 2014 وهو في السابعة عشرة من عمره، على خلفية مشاركته في تشييع أحد ضحايا الاحتجاجات السلمية، وأنه تعرض للتعذيب الوحشي والإكراه على توقيع اعترافات استخدمت لاحقًا لإدانته في محاكمة افتقرت إلى أدنى معايير العدالة.
تؤكد المنظمة أن إعدام الدرازي يمثل انتهاكًا صارخًا لاتفاقية حقوق الطفل التي تحظر تنفيذ عقوبة الإعدام بحق أي شخص عن جرائم ارتكبها وهو دون الثامنة عشرة، كما يشكل جريمة قتل خارج نطاق القضاء تتنافى مع التزامات المملكة الدولية، ومع وعودها المتكررة أمام مجلس حقوق الإنسان بتقليص استخدام العقوبة وتنظيمها في أضيق الحدود.
وبهذا الإعدام، ترتفع حصيلة الإعدامات في السعودية منذ مطلع عام 2025 إلى أكثر من 300 حالة، بحسب رصد منظمات دولية، في وقتٍ بلغ فيه إجمالي من أُعدموا منذ تولي الملك سلمان وولي عهده محمد بن سلمان الحكم نحو 1,885 شخصًا — في تصاعد غير مسبوق في تاريخ المملكة الحديث.
اللافت أن ثلثي هذه الإعدامات تتعلق بقضايا مخدرات أو تهم سياسية لا ترقى إلى القتل العمد، وغالبية الضحايا من العمالة الأجنبية والفئات المهمشة اجتماعيًا.
تؤكد معًا من أجل العدالة أن إعدام عبد الله الدرازي -الذي كان قاصرًا وقت اعتقاله- يعكس الطبيعة الانتقامية والطائفية للنظام القضائي السعودي، الذي يواصل استهداف أبناء الأقلية الشيعية والمعارضين السلميين، وتوظيف القضاء وأجهزة الأمن لترهيب المجتمع وإسكات الأصوات المطالِبة بالعدالة والمساواة.
وتشدد المنظمة على أن التجاهل المتعمد للمناشدات الدولية، بما في ذلك آراء الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة، يؤكد غياب الإرادة السياسية لأي إصلاح حقيقي، وأن السلطات السعودية ماضية في استخدام سيف الإعدام كسلاح سياسي لإحكام السيطرة وبث الرعب.
في هذا الصدد، تطالب منظمة معًا من أجل العدالة بـ:
- وقف فوري لتنفيذ أحكام الإعدام كافة، خصوصًا بحق القاصرين والمعتقلين السياسيين؛
- إعادة النظر في جميع الأحكام الصادرة بعد محاكمات غير عادلة؛
- فتح تحقيق دولي مستقل في قضايا الإعدام الأخيرة، وعلى رأسها إعدام عبد الله الدرازي؛
- تفعيل آليات المساءلة الدولية ضد المسؤولين السعوديين المتورطين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
إن استمرار السعودية في تنفيذ الإعدامات التعسفية، ورفضها الالتزام بمعايير العدالة الدولية، يجعلها من أكثر الأنظمة دموية في العالم اليوم، ويحمّل المجتمع الدولي مسؤولية تاريخية في وقف هذا المسار قبل فوات الأوان.