ثماني سنوات من الاعتقال والتعذيب… الدكتور علي العمري يواجه القتل البطيء في سجون السعودية

تمر هذه الأيام الذكرى الثامنة لاعتقال الأكاديمي والداعية الإسلامي والإعلامي البارز الدكتور علي العمري، الذي اعتقلته السلطات السعودية في سبتمبر/أيلول 2017 ضمن حملة شرسة استهدفت العلماء والمفكرين والحقوقيين وكل صوت حر لا يتماشى مع سياسة القمع والاستبداد.
الدكتور العمري، الذي اشتهر بخطابه الوسطي وإسهاماته الإصلاحية في مجال الشباب من خلال تأسيسه لقناة “فور شباب” ورئاسته لجامعة مكة المكرمة المفتوحة، عُرف بمناهضته للتطرف ودعمه لحقوق المرأة، وهو ما جعله يحظى بقبول واسع بين الأجيال الشابة في العالم العربي. إلا أن السلطات السعودية لم ترَ في جهوده الإصلاحية إلا تهديدًا، فوجهت له أكثر من ثلاثين تهمة ملفقة تتعلق بـ”الإرهاب” و”تشكيل منظمة شبابية سرية”، رغم أن جميع نشاطاته كانت علنية ومرخصة.
الاعتقال والانتهاكات الجسيمة
اعتُقل الدكتور العمري في 9 سبتمبر 2017 بطريقة مهينة، وتعرض منذ الأيام الأولى لجملة من الانتهاكات البشعة:
- الحبس الانفرادي المطوَّل لما يزيد عن 15 شهرًا.
- التعذيب الجسدي الممنهج: الضرب المبرح، الصعق بالكهرباء، إطفاء السجائر في جسده، ما تسبب بحروق وإصابات وجروح غائرة.
- الحرمان من التواصل مع أسرته ومنع أي زيارات أو مكالمات لفترات طويلة.
- المحاكمة السرية أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، حيث مُنع من توكيل محامٍ، وطالب الادعاء خلالها بإنزال حكم الإعدام بحقه.
التدهور الصحي والقتل البطيء
تفاقمت معاناة الدكتور العمري داخل السجن، إذ أصيب لاحقًا بـ فشل كلوي نتيجة ظروف الاحتجاز غير الإنسانية والإهمال الطبي المتعمد، وهو ما يشكّل خطرًا جسيمًا على حياته ويؤكد أن السلطات تمارس بحقه ما يشبه القتل البطيء. وحتى اليوم، ترفض السلطات توفير الرعاية الطبية اللازمة أو السماح لأسرته بالاطمئنان على وضعه.
انتهاك صارخ للقانون والعدالة
القضية برمتها تمثل نموذجًا فجًّا لاستخدام قوانين “مكافحة الإرهاب” كسلاح سياسي لتصفية الحسابات مع أصحاب الفكر المستقل. فالمحاكمة التي جرت في سرية تامة، وحرمانه من الدفاع عن نفسه، والاعتماد على تهم فضفاضة بلا أدلة، جميعها تشكل انتهاكًا صريحًا لمعايير المحاكمة العادلة والقانون الدولي.
ردود الفعل الدولية
أثارت قضية الدكتور العمري موجة واسعة من التضامن الدولي، حيث طالبت منظمات مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية والأمم المتحدة، بالإضافة إلى منظمة معًا من أجل العدالة، بالإفراج الفوري عنه ووقف التهديدات التي تطال حياته. ومع ذلك، لا تزال السلطات السعودية تصم آذانها عن جميع النداءات الحقوقية، وتصر على إبقائه خلف القضبان رغم حالته الصحية الحرجة.
في هذه الذكرى، تؤكد منظمة معًا من أجل العدالة أن استمرار احتجاز الدكتور علي العمري، في ظل هذه الانتهاكات الجسيمة، يمثل جريمة إنسانية مكتملة الأركان، وتطالب بـ:
- الإفراج الفوري وغير المشروط عنه.
- إلغاء جميع التهم الملفقة والأحكام الباطلة الصادرة بحقه.
- توفير الرعاية الطبية العاجلة له وضمان حقه في العلاج.
- محاسبة كل من تورط في تعذيبه وانتهاك حقوقه.
كما تحمل المنظمة النظام السعودي المسؤولية الكاملة عن حياته وسلامته، وتدعو المجتمع الدولي للتحرك العاجل من أجل إنقاذه وإنقاذ آلاف معتقلي الرأي الذين يقاسون نفس المصير.