حكم جديد بالسجن 25 عامًا ضد المحامي محمد البجادي بعد عامين من انتهاء محكوميته

تدين منظمة معًا من أجل العدالة بأشد العبارات الحكم الجائر الذي أصدرته المحكمة الجزائية المتخصصة اليوم، والذي يقضي بسجن المحامي والناشط الحقوقي محمد صالح البجادي لمدة 25 عامًا إضافية، رغم انتهاء مدة محكوميته السابقة منذ عام 2023، واحتجازه تعسفيًا دون مبرر طوال العامين الماضيين.
يمثل هذا الحكم فصلًا جديدًا في سلسلة الانتهاكات الممنهجة التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان في السعودية، ويؤكد أن النظام القضائي في المملكة لم يعد سوى أداة بيد السلطة تستخدمها لمعاقبة كل من تجرأ على المطالبة بالإصلاح أو الدفاع عن الكرامة والحرية.
وكانت المحكمة قد حددت في وقت سابق جلسة لإعادة محاكمة البجادي يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول 2025، في خطوة غير قانونية ولا مبررة، ثم أصدرت اليوم حكمًا جديدًا يقضي بسجنه 25 عامًا على خلفية تهم فضفاضة وملفقة، في تجاهلٍ صارخ لكل القوانين المحلية والمعايير الدولية للعدالة.
البجادي، أحد مؤسسي جمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم)، اعتُقل في مايو/أيار 2018 بعد مداهمة منزله في منتصف الليل على أيدي عناصر تابعة لجهاز أمن الدولة دون أمر قضائي. ومنذ ذلك الحين، تعرّض للإخفاء القسري والتعذيب وسوء المعاملة، كما حُرم من التواصل المنتظم مع أسرته ومحاميه. وقد سبق أن اعتقلته السلطات عام 2011 ضمن حملة استهدفت أعضاء جمعية “حسم”، في محاولة لإسكات الأصوات التي طالبت حينها بالإصلاح السياسي وإنهاء الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان.
إن صدور حكم جديد بعد عامين من انتهاء العقوبة السابقة يؤكد أن ما يجري ليس مسارًا قضائيًا، بل انتقام سياسي صريح يهدف إلى إذلال النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، وترسيخ سياسة الإفلات من العقاب. فبدل أن تطوي السلطات صفحة الظلم التي امتدت لأكثر من عقد، اختارت أن تفتح جرحًا جديدًا يُضاف إلى سجلها الحافل بالانتهاكات.
وقد كانت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان قد أعربت في وقت سابق عن قلقها العميق بشأن استمرار احتجاز البجادي، مؤكدة أن ما يتعرض له يُعد جريمة قانونية مكتملة الأركان، ويعكس تعمدًا في إذلال الناشطين وكسر إرادتهم، في انتهاك واضح للعهود الدولية التي صادقت عليها المملكة.
تؤكد منظمة معًا من أجل العدالة أن هذا الحكم الجديد يُعد صفعة للعدالة والقانون، ويكشف زيف الخطاب الرسمي حول الإصلاح والانفتاح، إذ لا يمكن الحديث عن إصلاح حقيقي بينما يُعاد الحكم على ناشط أنهى مدة عقوبته أصلًا. كما يحمل الحكم رسالة تهديد واضحة لكل من يحاول رفع صوته للمطالبة بالحرية والعدالة في البلاد.
وتحمّل المنظمة السلطات السعودية المسؤولية الكاملة عن سلامة محمد البجادي، وتطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عنه، وإلغاء الحكم الجديد، وفتح تحقيق دولي نزيه حول الانتهاكات التي تعرّض لها منذ اعتقاله الأول عام 2011 وحتى اليوم. كما تدعو المنظمة مجلس حقوق الإنسان، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي إلى التحرك العاجل لوقف هذا المسار الانتقامي الخطير الذي يستهدف كل ناشط حر في المملكة، وإلزام الحكومة السعودية باحترام التزاماتها القانونية والإنسانية.
 
				


