تقارير

زيارة ابن سلمان لواشنطن… تطبيع جديد مع القمع وتجاهل متعمّد لملف حقوق الإنسان

يصل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن -في 18 نوفمبر- في زيارة محمّلة بالرمزية السياسية والصفقات الاقتصادية والاستراتيجية، بينما يغيب عنها ما كان يفترض أن يكون على رأس جدول الأعمال: الإنسان، العدالة، وحقوق السجناء الذين امتلأت بهم سجون المملكة.

مرة أخرى، تتكرّر خيبة الأمل ذاتها من الإدارات الأمريكية المتعاقبة، تلك التي تبني خطابها الخارجي على الديمقراطية وحقوق الإنسان، ثم تتخلى عن هذه الشعارات عند أول اختبار حقيقي، حين يتحوّل الحديث إلى النفط، السلاح، النفوذ، والصفقات. أمام النظام السعودي، تتقلّص لغة الديمقراطية لتصبح مجرّد بروتوكول إعلامي، بينما تفتح أبواب البيت الأبيض دون شروط، ودون محاسبة، ودون التزام واضح بالإصلاح الحقوقي.

محمد بن سلمان لا يصل إلى أمريكا بصفته قائدًا يخضع للتقييم الحقوقي أو السياسي، بل شريكًا مُعاد تأهيله دبلوماسيًا بعد ملفّات ثقيلة لم تُغلق شعبيًا ولا أخلاقيًا، بدءًا من مقتل جمال خاشقجي، مرورًا بالاعتقالات الجماعية، وأحكام الإعدام، وقمع العلماء والنساء والكتّاب ورجال الأعمال، وصولًا إلى إعادة اعتقال النشطاء بعد الإفراج عنهم، واستخدام القضاء كأداة سياسية لإسكات الأصوات غير الموالية.

زيارة كهذه تحمل رسائل واضحة:

  • أن المصالح الأمريكية – لا القيم – هي ما يحرّك البوصلة.
  • أن ملف حقوق الإنسان قابل للتجميد حين يتداخل مع النفط والتحالفات.
  • أن كلفة القمع في الرياض لا تزال “مقبولة” سياسيًا في واشنطن.
  • أن الاعتقالات السياسية، والأحكام الطويلة، والإخفاء القسري، والإهمال الطبي المتعمّد للسجناء، لا تصلح لتعطيل الصفقات الكبرى.

وقبل هذه الزيارة بأيام، وقّعت 11 منظمة حقوقية دولية – على رأسها هيومن رايتس ووتش – بيانًا تطالب فيه الإدارة الأمريكية والكونغرس بطرح ملف الانتهاكات الحقوقية خلال اللقاء، والإصرار على إطلاق سراح معتقلي الرأي، ووقف الإعدامات، وإنهاء سياسات تكميم الأفواه. بيان يعكس فشل المجتمع الدولي في الضغط المباشر حتى الآن، لكنه في الوقت ذاته يؤكد حقيقة لا يمكن إنكارها: لا شيء تغيّر داخل المملكة، سوى محاولة تلميع الوجه في الخارج.

الواقع خلف الأبواب المغلقة يقول إن:

  • السجون ما زالت تمتلئ بمن عبّر عن رأيه أو طالب بالإصلاح
  • التهم الفضفاضة مثل “الإضرار بأمن الدولة” و”غسل الأموال” تُستخدم كسلاح سياسي
  • المحاكمات تتم دون معايير عدالة حقيقية
  • الإهمال الطبي داخل السجون أصبح أداة عقاب
  • إعادة الاعتقال بعد الإفراج ليست استثناء، بل سياسة
  • حرية التعبير ليست مقيّدة فقط، بل مجرّمة

لو كانت واشنطن جادّة في مبادئها التي تتغنّى بها، لكان شرط أي لقاء مع محمد بن سلمان واضحًا ومعلنًا:

  • الكشف عن مصير كل معتقلي الرأي
  • وقف المحاكمات السياسية وإلغاء الأحكام الجائرة
  • السماح للمنظمات الحقوقية المستقلة بدخول السعودية
  • وقف استخدام قوانين “مكافحة الإرهاب” ضد الناشطين
  • الإفراج غير المشروط عن السجناء الذين يقبعون خلف القضبان بسبب تغريدات، مقالات، أو مواقف فكرية

لكن ما يحدث هو العكس تمامًا. يتم التعامل مع القمع باعتباره شأنًا داخليًا، بينما يُعدّ تعزيز العلاقات الأمنية والاقتصادية أولوية لا تُمس.

الرسالة التي تصل اليوم لكل سجين رأي في السعودية ليست عن العدالة، بل عن الانتقاء السياسي للعدالة. ليست عن الحرية، بل عن تفاوض الحرية عندما تلامس مصالح القوى الكبرى. ليست عن الحقوق، بل عن ثمن الحقوق عندما تُطرح في سوق السياسة.

هذا الصمت الدولي لا يحمي الاستقرار، بل يعيد إنتاج القمع. ولا يُصلح الأنظمة، بل يمنحها ضوءًا أخضر للاستمرار. ولا يقوّي الشراكات، بل يؤسس لتحالفات بلا كرامة ولا التزام.

ما لم يتم وضع ملف حقوق الإنسان على الطاولة – بوضوح، دون مواربة، دون مجاملات دبلوماسية – فإن زيارة محمد بن سلمان ستُقرأ باعتبارها استئنافًا رسميًا لسياسة الإفلات من المحاسبة، وتأشيرة جديدة لمواصلة القمع تحت غطاء الشراكات الدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Mostbet è una delle piattaforme di scommesse più conosciute e apprezzate dagli appassionati di gioco d’azzardo online. Fondata diversi anni fa, la società si è rapidamente affermata nel settore grazie a una vasta gamma di opzioni di scommessa, un'interfaccia facile da usare e un'attenzione particolare alla sicurezza dei propri utenti. Che tu sia un principiante o un veterano del settore, Mostbet offre una piattaforma affidabile per piazzare le tue scommesse in modo rapido e sicuro, con un supporto clienti sempre disponibile. Un grande vantaggio di Mostbet è la sua ampia varietà di sport e eventi sui quali è possibile scommettere. Dallo sport più popolare come il calcio, il basket e il tennis, fino agli eventi di nicchia e agli eSport, Mostbet offre ai suoi utenti innumerevoli possibilità. Inoltre, la piattaforma permette anche di seguire in diretta i risultati degli eventi, il che consente agli scommettitori di prendere decisioni informate in tempo reale. Questa caratteristica è particolarmente apprezzata da chi cerca un'esperienza di scommessa dinamica e coinvolgente. Un altro aspetto importante di Mostbet è la generosità dei bonus e delle promozioni offerte agli utenti. Nuovi giocatori possono approfittare di bonus di benvenuto che aumentano il valore dei loro primi depositi, mentre i giocatori regolari possono godere di promozioni settimanali e mensili che premiano la loro fedeltà. La piattaforma inoltre organizza tornei e gare che permettono ai giocatori di competere tra loro per vincere premi in denaro e altri benefici esclusivi. Per ulteriori dettagli su queste offerte e per leggere le opinioni degli utenti, visita il sito e scopri le mostbet recensioni. Infine, Mostbet garantisce un alto livello di sicurezza e trasparenza. La piattaforma è regolamentata da licenze internazionali e utilizza sistemi di criptazione avanzati per proteggere i dati personali e finanziari dei suoi utenti. Le transazioni sono rapide e sicure, e il servizio clienti è disponibile 24/7 per risolvere qualsiasi problema. Tutti questi fattori rendono Mostbet una scelta eccellente per chi cerca un'esperienza di scommessa online affidabile e piacevole.