تقارير

سبعة أعوام من الاعتقال التعسفي: الحرية لنايف الهنداس ولجميع معتقلي الرأي في السعودية

مرّت قرابة سبع سنوات على اعتقال الناشط السياسي والحقوقي السعودي نايف الهنداس، ولا يزال محتجزًا حتى اليوم دون محاكمة عادلة أو تحديد واضح لوضعه القانوني، في انتهاك صارخ لأبسط حقوق الإنسان والضمانات القانونية. فمنذ اعتقاله في أبريل/نيسان 2019 من منزله في مدينة الخبر، ضمن حملة قمع واسعة استهدفت نشطاء ومفكرين ومعارضين، يقبع الهنداس في سجن المباحث بالدمام في ظروف احتجاز قاسية، وسط سلسلة متواصلة من الانتهاكات.

وُلد نايف الهنداس في 29 يونيو/حزيران 1991، وهو ناشط حقوقي وكاتب ومترجم عُرف بدفاعه السلمي عن قضايا أساسية، من بينها حقوق المرأة، وحرية التعبير، والإصلاح السياسي. استخدم الكتابة والترجمة والعمل الحقوقي كوسائل مشروعة للتعبير عن آرائه، دون الدعوة إلى العنف أو التحريض. ورغم ذلك، وُجهت إليه تهم فضفاضة ذات طابع سياسي، شملت التحريض على النظام الحاكم، والارتباط بأنظمة معادية للمملكة، والانتماء إلى تنظيمات تُصنّفها السلطات كعدو، دون تقديم أي أدلة ملموسة أو مستندات قانونية تثبت هذه الادعاءات.

تعكس هذه التهم النمط المتكرر الذي تلجأ إليه السلطات السعودية في ملاحقة النشطاء، حيث يُستخدم القضاء كأداة لإسكات الأصوات المعارضة، لا كمسار لتحقيق العدالة. نايف الهنداس، كغيره من معتقلي الرأي، ظل محتجزًا لفترات طويلة دون محاكمة، في مخالفة صريحة لنظام الإجراءات الجزائية السعودي، الذي ينص على حق المعتقل في معرفة التهم الموجهة إليه، وفي الدفاع عن نفسه، وفي المثول أمام محكمة مستقلة خلال مدة معقولة.

خلال سنوات احتجازه، تعرض نايف الهنداس لسوء معاملة شمل الإهمال الطبي، والمضايقات، والحرمان من التواصل المنتظم مع عائلته، ومن توكيل محامٍ للدفاع عنه، وهي ممارسات لا تنتهك القوانين السعودية فحسب، بل تتعارض أيضًا مع المعايير الدولية الأساسية لحقوق الإنسان. فاستمرار احتجازه دون محاكمة عادلة أو سند قانوني واضح يشكل اعتقالًا تعسفيًا بالمعنى القانوني الكامل.

كما تمثل قضية الهنداس خرقًا واضحًا للالتزامات الدولية، وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولا سيما المادة 9 التي تحظر الاعتقال التعسفي، والمادة 19 التي تكفل حرية الرأي والتعبير. إن احتجاز شخص لسنوات بسبب آرائه السلمية يُعد دليلًا إضافيًا على سياسة ممنهجة تهدف إلى تكميم الأفواه وردع أي نشاط حقوقي أو فكري مستقل.

وفي هذا السياق، تبدو التصريحات الرسمية حول الإصلاح واحترام حقوق الإنسان متناقضة مع الواقع، إذ يتواصل القمع المنهجي بحق النشطاء وأصحاب الرأي، وتُستخدم أدوات الأمن والقضاء لترسيخ الخوف بدل حماية الحقوق. ويؤدي هذا النهج إلى تدهور خطير في سجل حقوق الإنسان، ويقوّض أي ادعاءات تتعلق بالإصلاح أو الانفتاح.

إن استمرار احتجاز نايف الهنداس بعد قرابة سبع سنوات دون محاكمة عادلة يمثل انتهاكًا جسيمًا يستوجب تحركًا عاجلًا. وتطالب الجهات الحقوقية بالإفراج الفوري وغير المشروط عنه، وعن جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، ووقف استخدام القضاء كوسيلة للانتقام السياسي، وضمان محاكمات عادلة ومستقلة وفق المعايير الدولية، إلى جانب محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات التي تعرض لها المعتقلون داخل السجون.

قضية نايف الهنداس لا تمثل حالة فردية معزولة، بل تعكس واقع مئات النشطاء والصحفيين والمفكرين الذين يدفعون ثمن ممارستهم السلمية لحقوقهم الأساسية. إن الإفراج عنه وعن غيره من معتقلي الرأي خطوة ضرورية نحو مسار يقوم على العدالة، واحترام الكرامة الإنسانية، وسيادة القانون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى