
مرّت أربع سنوات كاملة على آخر مرة تواصل فيها المعتقل السعودي عبد الرحمن السدحان مع عائلته من داخل مقر احتجازه في السعودية، وذلك عقب تثبيت الحكم الصادر بحقه في عام 2021، ومنذ ذلك الحين انقطعت أخباره تمامًا، دون أن تقدّم السلطات أي معلومات عن مكان احتجازه أو وضعه الصحي، في ظل رفضها المستمر الرد على استفسارات العائلة، ما يضع قضيته في إطار الاختفاء القسري المستمر.
اعتُقل عبد الرحمن السدحان في 12 مارس/آذار 2018 من مقر عمله داخل أحد مكاتب هيئة الهلال الأحمر في العاصمة السعودية الرياض. ورغم ذلك، أنكرت السلطات السعودية وجوده لديها لمدة شهر كامل، قبل أن تعترف لاحقًا باعتقاله، دون تمكين عائلته من زيارته أو التواصل معه، ودون الإفصاح عن أسباب احتجازه أو مكان نقله.
ظل السدحان محتجزًا ثلاث سنوات كاملة دون عرض على أي محكمة أو توجيه تهمة رسمية، في مخالفة صريحة لنظام الإجراءات الجزائية السعودي. وفي أبريل/نيسان 2021، صدر بحقه حكم بالسجن لمدة 20 عامًا، إضافة إلى حظر سفر لمدة 20 عامًا بعد الإفراج عنه، قبل أن تقوم محكمة الاستئناف في أكتوبر/تشرين الأول 2021 بتأييد الحكم، في خطوة قوبلت بإدانات واسعة من منظمات حقوق الإنسان الدولية.
طوال فترة احتجازه، وقبل صدور الحكم، لم يُسمح لعبد الرحمن بالتواصل مع عائلته سوى مرتين فقط. الأولى جاءت بعد نحو 23 شهرًا من اعتقاله، عبر مكالمة هاتفية لم تتجاوز الدقيقة الواحدة، اقتصر خلالها على طمأنة عائلته بأنه ما يزال على قيد الحياة ومحتجزًا في سجن الحائر. أما المكالمة الثانية فجاءت بعد صدور الحكم، لتكون آخر تواصل معروف معه حتى اليوم. ومنذ تأييد الحكم في أكتوبر 2021، اختفى السدحان مجددًا وانقطعت أخباره كليًا.
إلى جانب ذلك، حُرم عبد الرحمن السدحان من الزيارات العائلية، ومن توكيل محامٍ لتمثيله قانونيًا، ولم تُعرض عليه التهم المنسوبة إليه إلا أثناء تلاوة الحكم، في انتهاك صارخ لحقه في الدفاع والمحاكمة العادلة. كما تعرّض للإخفاء بعد تثبيت الحكم، دون أي معلومات رسمية عن مصيره.
وبحسب مصادر مطلعة، جاء اعتقال السدحان على خلفية اختراق حسابه على تويتر، حيث كان يدير حسابًا ساخرًا ينتقد السياسات الحاكمة في المملكة بهوية مجهولة. ومع تورط مسؤولين داخل شركة تويتر في تسريب بيانات المستخدمين لصالح السلطات السعودية، تم كشف هويته الحقيقية، ليُعتقل ويدفع ثمن آرائه السلمية بحرمانه من حريته وسلامته.
وفي مايو/أيار 2023، رفعت أريج السدحان، شقيقة عبد الرحمن، دعوى قضائية أمام القضاء الأميركي ضد تويتر وعدد من المسؤولين السعوديين رفيعي المستوى، اتهمتهم فيها بتسريب بيانات شقيقها وتعريض حياته للخطر، معتبرة أن الشركة تحولت إلى أداة مشاركة في حملة قمع عابرة للحدود، في سياق سعيها لتعزيز مصالحها وعلاقاتها المالية مع المملكة، التي تُعد ثاني أكبر مستثمر في تويتر بعد إيلون ماسك.
كما كشفت أريج السدحان في تصريحات إعلامية متكررة عن تعرّض شقيقها لتعذيب وحشي فور اعتقاله، أدى إلى كسر يده وتحطيم أصابعه، حيث سخر منه بعض الضباط بالقول: هذه هي اليد التي كنت تكتب وتغرد بها، وقد حطمناها. وأكدت في مقابلة سابقة مع صحيفة الغارديان البريطانية أنه أُبقي في الحبس الانفرادي لسنوات طويلة، تعرّض خلالها لأشكال متعددة من التعذيب الجسدي والنفسي.
وكغيره من معتقلي الرأي في السعودية، تعرّض عبد الرحمن السدحان لسلسلة من الانتهاكات الجسيمة، شملت الاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، والتعذيب، وسوء المعاملة، والإجبار على الاعتراف، والإهمال الطبي، وهي ممارسات تُجرّمها القوانين الدولية وترفضها المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان.
تطالب منظمة معًا من أجل العدالة بالإفراج الفوري وغير المشروط عن عبد الرحمن السدحان، وضمان تمكينه من التواصل مع عائلته، والكشف عن مكان احتجازه ووضعه الصحي، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات التي تعرض لها منذ لحظة اعتقاله.
كما تدعو المنظمة الأمم المتحدة، والإجراءات الخاصة، ومنظمات حقوق الإنسان الدولية إلى التدخل العاجل للضغط على السلطات السعودية من أجل كشف مصير عبد الرحمن السدحان، وإنهاء سياسة الإخفاء القسري، ووضع حد للانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان في المملكة.


