نجوى أحمد الحميد: أكثر من أربع سنوات ونصف من الاعتقال والإهانة النفسية
مرّت أكثر من أربع سنوات ونصف على اعتقال الناشطة السعودية نجوى أحمد الحميد، ولا تزال محتجزة حتى اليوم في السجون السعودية بسبب ممارستها السلمية لحقها في التعبير عن الرأي، في واحدة من القضايا التي تعكس بوضوح طبيعة القمع الممنهج ضد النساء الناشطات في المملكة، وما يصاحبه من انتهاكات جسيمة تمس الكرامة الإنسانية والحقوق الأساسية.
تعود وقائع الاعتقال إلى 16 مايو/أيار 2021، حين داهمت قوة أمنية سعودية منزل نجوى الحميد واعتقلتها بعنف من وسط عائلتها، بعد مصادرة كتبها وأجهزتها الإلكترونية. في ذلك الوقت، لم تُبلَّغ العائلة بأي أسباب قانونية للاعتقال، قبل أن يتضح لاحقًا أن السبب الحقيقي كان تغريدات نشرتها طالبت فيها بضرورة مواجهة البطالة، وشاركت في نقاشات عامة تتعلق بمعتقلي الرأي وحقوق الإنسان في السعودية.
بعد اعتقالها، خضعت نجوى الحميد لسلسلة من التنقلات القسرية والمهينة بين عدة مقار احتجاز، قبل أن تستقر في سجن الطرفية في منطقة القصيم. وخلال هذه الفترة، تعرضت لضغوط نفسية شديدة وتهديدات أثناء التحقيق، الذي جرى دون حضور محامٍ، في مخالفة صريحة للضمانات القانونية الأساسية، ما يجعل جميع جلسات التحقيق هذه باطلة قانونًا، وأي أقوال انتُزعت خلالها فاقدة لأي مشروعية.
وجّهت النيابة العامة إلى نجوى الحميد تهمًا فضفاضة ذات طابع سياسي، شملت “التغريد حول البطالة”، و”التفاعل مع وسم يتناول معتقلي الرأي وحقوق الإنسان”، إضافة إلى اتهامات نمطية مثل “التعامل مع جهات مشبوهة” و”متابعة حسابات معارضين على تويتر”، وهي تهم دأبت السلطات السعودية على استخدامها لتجريم النشاط السلمي على الإنترنت.
إلا أن واحدة من أشد صور الإهانة النفسية والانتهاك المعنوي التي تعرضت لها نجوى الحميد تمثلت في إجبارها بعد أكثر من عام على اعتقالها على الظهور في قناة الإخبارية السعودية، ضمن تقرير تلفزيوني يروّج لما سُمّي بـ”جودة الحياة داخل السجون السعودية”. هذا الظهور القسري لم يكن سوى أداة دعائية لتلميع صورة النظام، في توقيت كانت تتزايد فيه التقارير الحقوقية والشهادات التي تؤكد تعرض المعتقلين والمعتقلات للتعذيب، وسوء المعاملة، والإهانات اللفظية والجسدية، والإجبار على الإدلاء باعترافات ملفقة.
إجبار معتقلة رأي على الظهور الإعلامي للدفاع عن ظروف احتجازها يشكّل شكلًا من أشكال الإكراه النفسي، ويندرج ضمن ممارسات الإذلال والتلاعب بالضحايا، ويُعد انتهاكًا صارخًا لكرامة الإنسان، وللمعايير الدولية التي تحظر استخدام المحتجزين في الدعاية السياسية أو الإعلامية تحت أي ظرف.
يُذكر أن اعتقال نجوى الحميد جاء في سياق حملة واسعة شنتها السلطات السعودية في مايو/أيار 2021 ضد عشرات النشطاء والنشيطات على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب ممارستهم السلمية لحقهم في التعبير، ومن بينهم عبد الرحمن آل الشيخ، أسماء السبيعي، لينا الشريف، ياسمين الغفيلي، ورينا عبد العزيز، في محاولة واضحة لإسكات أي نقاش عام حول القضايا الاقتصادية أو الحقوقية.
في هذا الإطار، تؤكد منظمة معًا من أجل العدالة أن اعتقال الأفراد بسبب آرائهم أو نشاطهم السلمي يمثل انتهاكًا مباشرًا للمواثيق الدولية، وعلى رأسها المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تكفل لكل إنسان الحق في حرية الرأي والتعبير دون تدخل أو عقاب.
وتطالب المنظمة السلطات السعودية بالإفراج الفوري وغير المشروط عن نجوى أحمد الحميد، ووقف استخدام الاعتقال التعسفي والإهانة النفسية كأدوات لإخضاع النساء الناشطات، كما تدعو إلى إنهاء حملات الاعتقال والاستدعاء خارج نطاق القضاء، والإفراج عن جميع معتقلي ومعتقلات الرأي المحتجزين بسبب ممارستهم السلمية لحقوقهم الأساسية.


