
في مارس/آذار 2021، كان من المفترض أن تُفرج السلطات السعودية عن الإعلامي والمربي المعروف مساعد بن حمد الكثيري بعد أن أنهى مدة محكوميته البالغة ثلاث سنوات ونصف، إلا أن الإفراج لم يتم، ولم تُعلن أية تهمة جديدة بحقه، ما يجعل استمراره في السجن احتجازاً تعسفياً وانتهاكاً صارخاً للقانون السعودي ذاته والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
اعتُقل الكثيري في سبتمبر/أيلول 2017 ضمن حملة القمع الأوسع التي شنّها النظام السعودي عقب تولي محمد بن سلمان ولاية العهد؛ وهي الحملة التي استهدفت مختلف الأصوات المستقلة، من كتّاب وصحفيين إلى علماء ونشطاء، رجالاً ونساءً، على اختلاف خلفياتهم الفكرية والسياسية. والسبب الوحيد: عدم التماهي مع سياسات النظام.
منذ لحظة اعتقاله، خضع مساعد الكثيري لمسار قضائي مجحف يفتقر إلى الحد الأدنى من شروط العدالة، فقد حُرم من توكيل محامٍ طوال فترة التحقيق والمحاكمة، ولم يُمنح حق الاطلاع على ملف قضيته، كما لم تُعرض قضيته على محكمة علنية، بل جرت محاكمته سراً في جلسات تفتقد للشفافية، حُكم فيها عليه بالسجن ثلاث سنوات ونصف دون الكشف عن التهم الموجهة إليه.
وخلال فترة احتجازه، تعرّض الكثيري، كما المئات غيره، لانتهاكات جسيمة، من بينها الحبس في ظروف غير إنسانية، والإهمال الطبي، والعزل عن العالم الخارجي، فضلاً عن حرمانه من التواصل المنتظم مع عائلته. ورغم انتهاء فترة العقوبة رسميًا، لا يزال قابعًا في السجن دون أي سند قانوني، في تحدٍ واضح للقانون والأعراف القضائية.
السلطات السعودية، التي تُعلن صباح مساء عن “إصلاحات” و”انفتاح”، تُمعن في قمع الحريات وخنق الأصوات الحرة، وتُواصل احتجاز معتقلي الرأي حتى بعد انتهاء محكومياتهم، وهو ما يؤكد أن شعار الإصلاح في المملكة لا يعدو كونه واجهة إعلامية لتبييض سجل من الانتهاكات.
إن استمرار احتجاز مساعد الكثيري دون تهمة، ودون أي مبرر قانوني بعد انتهاء مدة محكوميته، يُشكل جريمة قانونية وإنسانية يجب أن يُحاسب عليها كل من ساهم أو تستر عليها، وهو دليل إضافي على زيف الوعود الرسمية بالإصلاح، واستمرار الانتهاك الممنهج لحقوق الإنسان في البلاد.
معًا من أجل العدالة تطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الإعلامي مساعد الكثيري، وفتح تحقيق جاد وشفاف في ظروف اعتقاله واحتجازه، ومحاسبة جميع المسؤولين عن هذه الجريمة. كما نُجدد دعوتنا للمجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والقانونية، وممارسة ضغط حقيقي على النظام السعودي لوقف هذه الانتهاكات المتكررة، وإطلاق سراح كافة المعتقلين تعسفيًا.