استمرار اختفاء الأكاديمي السعودي الدكتور إبراهيم اليماني وسط مخاوف جدّية على سلامته

تعبّر منظمة معًا من أجل العدالة عن قلقها البالغ إزاء استمرار انقطاع أخبار معتقل الرأي السعودي الدكتور إبراهيم اليماني منذ ما يقارب ثلاث سنوات، بعد أن بعث برسائل استغاثة من مقر احتجازه في سجن الحائر أشار فيها إلى تلقيه تهديدات بالقتل من قبل سجناء متطرفين نُقل إليهم عمدًا من قِبل إدارة السجن.
تحمّل المنظمة إدارة سجن الحائر ووزارة الداخلية السعودية المسؤولية الكاملة عن سلامة الدكتور اليماني، خاصة وأن نقله إلى زنزانة تضم عناصر متشددة سبق أن هددوه بالقتل جاء رغم التحذيرات المتكررة من منظمات حقوقية والمناشدات العائلية المتواصلة. منذ عملية النقل في عام 2022، انقطعت جميع سبل التواصل مع اليماني ولم تُعرف حالته الصحية أو ظروف احتجازه حتى اليوم.
اعتُقل الدكتور إبراهيم هائل اليماني في سبتمبر/أيلول 2017 ضمن الحملة الواسعة التي طالت علماء ومفكرين وأكاديميين ونشطاء رأي، والتي مثّلت نقطة التحول في مشهد القمع داخل المملكة مع صعود ولي العهد محمد بن سلمان. لم توجَّه إلى اليماني تهم حقيقية، بل يواجه سلسلة من الاتهامات الملفقة التي تعكس النمط المتكرر من المحاكمات السياسية الهادفة إلى إسكات الأصوات الداعية للإصلاح المجتمعي وتعزيز المشاركة السياسية والشفافية.
الدكتور اليماني حاصل على دكتوراه في التشريع الجنائي وماجستير في أصول الفقه، وكان عضو هيئة تدريس بجامعة طيبة ومستشارًا قانونيًا فيها، كما عمل سابقًا في جامعة الإمام محمد بن سعود، وتولى منصب مفتي في المسجد النبوي، وعضوية لجنة الطعون في الانتخابات البلدية.
عُرض اليماني لأول مرة على القضاء في سبتمبر/أيلول 2018 بعد عام من اعتقاله، وخلال التحقيقات تعرّض لتعذيب نفسي وجسدي وضغوط لإجباره على الاعتراف بتهم لم يرتكبها. ومنذ ذلك الحين تُعقد جلسات محاكمته بشكل سري داخل المحكمة الجزائية المتخصصة دون حضور محامٍ أو مراقبين مستقلين، في انتهاك واضح لحقه في الدفاع والمحاكمة العادلة.
النيابة العامة، كما في معظم القضايا المماثلة، طالبت بتوقيع أشد العقوبات على اليماني وعدد من معتقلي الرأي، بما في ذلك عقوبة الإعدام، دون تقديم أدلة قانونية أو تحديد طبيعة التهم بشكل واضح.
إلى جانب التعذيب النفسي وسوء المعاملة، يواجه اليماني ظروف احتجاز قاسية، إذ يُحرم من الرعاية الطبية والتواصل مع عائلته ويُمنع من الخروج من زنزانته لفترات طويلة. كما أكدت مصادر خاصة أن اليماني تعرّض خلال سنوات اعتقاله للضرب المبرح والإهمال الطبي المتعمد، ما تسبب له بإصابات خطيرة، من بينها كسر في القدم نتيجة اعتداء من السجانين بعد عامين من اعتقاله.
تؤكد معًا من أجل العدالة أن ما يتعرض له الدكتور إبراهيم اليماني يشكّل انتهاكًا صارخًا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب، وتحمّل السلطات السعودية المسؤولية الكاملة عن سلامته الجسدية والنفسية، مطالبة بالإفراج الفوري وغير المشروط عنه.
وتدعو المنظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجلس حقوق الإنسان إلى الضغط الجاد على الحكومة السعودية لوقف الانتهاكات بحق معتقلي الرأي وضمان حقهم في الحرية والمحاكمة العادلة، ومحاسبة المسؤولين عن الإخفاء القسري والتعذيب داخل السجون السعودية. استمرار احتجاز الدكتور اليماني دون تهمة ودون تواصل يُعدّ جريمة مستمرة تتطلب تحركًا دوليًا عاجلًا قبل فوات الأوان.